في ظل استمرار الصراع وتصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، تتكشف أبعاد جديدة من تعقيد المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، حيث يشهد فريق التفاوض الإسرائيلي انقسامات داخلية حادة بشأن إمكانية تحقيق أي تقدم في ملف تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وفق مصادر إعلامية إسرائيلية، يُظهر الفريق انقسامات حول قبول مقترحات جزئية، مما يعكس ترددًا واضحًا بين الأعضاء بشأن مدى إمكانية الوصول إلى اتفاق وسط شروط سياسية وعسكرية متشابكة. هذا الانقسام لا يقتصر على تفاصيل المفاوضات فحسب، بل يعكس حالة عدم توافق شاملة داخل الإدارة الإسرائيلية حول الاستراتيجية التي يجب اتباعها تجاه غزة.
وفي الوقت ذاته، وصل وفد من حماس إلى القاهرة في خطوة تهدف إلى دراسة مبادرة مصرية جديدة تقترح صفقة شاملة تشمل الإفراج عن 50 أسيرًا فلسطينيًا مقابل "نزع سلاح" الحركة، وهو مطلب رفضته حماس بشكل قاطع، معتبرة أن أي قرارات تخص مستقبل القطاع يجب أن تكون نتاج توافق فلسطيني داخلي بعيدًا عن الضغوط الإقليمية والدولية.
على الصعيد المصري، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي أن القاهرة مستمرة في قيادة جهود الوساطة بالتعاون مع الدوحة وواشنطن، معربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق شامل ينهى الحرب في غزة. وشدد عبد العاطي على أهمية الإرادة السياسية والنوايا الحسنة في دفع العملية التفاوضية إلى الأمام، مشيرًا إلى "فرصة متاحة" لكن مشروطة بالتزامات الأطراف.
تتزامن هذه المفاوضات مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تتضمن خططًا لاحتلال مدينة غزة وتهجير سكانها جنوبًا، وعمليات توغل في المخيمات الفلسطينية، وسط تصاعد الأزمة الإنسانية التي تحاول الأمم المتحدة والجهات الإغاثية مواجهتها عبر تجهيز نحو 300 شاحنة مساعدات لدخول القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.
تحليل:
الانقسامات داخل الفريق الإسرائيلي تعكس التوتر الداخلي بين الأهداف الأمنية والسياسية، حيث تتصارع أصوات متشددة مع أخرى تسعى إلى حل سريع لإنهاء الصراع، لكن دون التنازل عن شروط أساسية. وهذا الصراع الداخلي يزيد من صعوبة التوصل لاتفاق.
رفض حماس لنزع السلاح يمثل مبدأً استراتيجيًا لا يمكن تجاوزه بسهولة، إذ ترى الحركة أن السلاح هو الضمان الأساسي لموقعها السياسي والأمني في القطاع، مما يجعل المبادرات التي تشمل هذا البند معرضة للرفض ورفع سقف التوقعات من الطرف الفلسطيني.
تبقى الوساطة المصرية محورًا حيويًا في هذا الملف، لكن نجاحها يعتمد على قدرة الأطراف على تجاوز الخلافات الجذرية والالتزام بحل يرضي جميع الأطراف، وسط ضغوط دولية متزايدة تحث على إنهاء النزاع سريعًا.