في تحرك مفاجئ على الساحة السياسية الإقليمية، وصل وفد من حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام الأخيرة، في محاولة لتهدئة التوترات مع الجانب المصري، وسط وساطة تركية مكثفة أثرت في الموقف المصري، بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
أبرزت صحيفة "يسرائيل هايوم" العبرية أن تركيا لعبت دور الوسيط الحاسم لإقناع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالانخراط مجددًا في مفاوضات تهدئة مع حماس، وسط الحديث عن اتفاق شامل يُنتظر أن يدخل حيز التنفيذ خلال أسبوعين، رغم أن هذه المعلومات لم تحظ بتأكيد رسمي من مصادر مستقلة.
ويأتي هذا التطور بعد فترة توتر حاد بين القاهرة وحماس، إذ أطلق خليل الحية، القيادي البارز في الحركة، دعوات لمصريين بالتوجه إلى الحدود مع غزة لدعم القطاع، مما أثار استنكارًا واسعًا داخل الأوساط المصرية الرسمية، ووصل الأمر إلى اتهامات رسمية لحماس بإفشال جهود التفاوض السابقة.
الوفد الذي يقوده الحية جاء يحمل رسالة إعادة التنسيق مع القاهرة، بحسب الصحيفة العبرية، إضافة إلى تقديم توضيحات بشأن تصريحات مسؤولي حماس المثيرة للجدل والتي أزعجت القاهرة. وأكد مسؤول كبير داخل الحركة لوكالات فلسطينية أن الوفد يسعى لبحث تطورات الأوضاع في غزة مع كبار المسؤولين المصريين، خصوصًا مسألة نية إسرائيل المحتملة لاحتلال عمق مدينة غزة.
في سياق متصل، كشفت مصادر عبرية عن دراسة اقتراح مصري جديد يتضمن إدخال قوات الشرطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، في إطار خطة لفرض ضبط للأسلحة، وذلك بالتزامن مع محاولات الوساطة المتعثرة بشأن صفقة الرهائن.
وتقترح مصر "تجميد" كمية أسلحة حماس تحت رقابة السلطة الفلسطينية، مع تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية في دول عدة منها الولايات المتحدة ومصر والأردن والإمارات، بإشراف أمريكي مباشر، في خطوة تعد الأولى من نوعها بعد فترة قطيعة واستنكارات مصرية ضد حماس بسبب التحريض المستمر على القاهرة.
يذكر أن جهود المصالحة قادتها تركيا بشكل واضح، حيث قام وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بزيارة القاهرة وأقنع السيسي باستئناف المحادثات مع حماس، في ظل حرص مصري على تهدئة الأوضاع على الحدود وتعزيز الاستقرار في غزة.
الاقتراح المصري المعروض الآن على حماس ينتظر رد الحركة، في حين من المتوقع أن تشترط إسرائيل تعديلات جوهرية عليه قبل الإذن بالموافقة النهائية على الاتفاق.
تتزامن هذه التحركات مع تصاعد العنف والعمليات العسكرية في قطاع غزة، حيث تستمر إسرائيل في الضغط على الحركة، وسط معاناة إنسانية متفاقمة.
يبقى ملف غزة محور اهتمام إقليمي ودولي، يتداخل فيه الأمن والسياسة والإنسانية، مع مراقبة دقيقة لمدى نجاح الوساطات التي تقودها القاهرة وأنقرة في تقليل التصعيد وإيجاد حلول وسطية وسط تعقيدات الأوضاع على الأرض.