منذ عودته إلى الرئاسة في يناير 2025، بات دونالد ترامب محركًا رئيسيًا في تصعيد النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث اتسمت سياساته وتصريحاته بتشديد الضغط على غزة وحركة «حماس»، ما أسهم في تأجيج التوترات المستمرة في المنطقة.
حركة «حماس»، التي تمثل مقاومة الفلسطينيين في غزة، تواجه اليوم حربًا مفتوحة وسط محاولات دولية وإقليمية لتحديد مصيرها، في حين تؤكد تصريحات ترامب الأخيرة موقفًا صارمًا برفض وجود «حماس» في القطاع، رغم معاناة السكان المدنيين وتضحياتهم المتواصلة.
في مقابلة هاتفية مع موقع «أكسيوس» يوم الاثنين، امتنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الإفصاح بشكل مباشر عما إذا كان يدعم خطط إسرائيل لمهاجمة واحتلال مدينة غزة، لكنه أكد أنه لا يعتقد أن «حماس» ستفرج عن الرهائن ما لم يتغير الوضع على الأرض.
وأشار ترامب إلى أن القرار يعود لإسرائيل لتحديد الخطوات القادمة، وما إذا كانت ستسمح لـ«حماس» بالبقاء في غزة، لكنه صرح بوضوح أن «حماس لا يمكن أن تبقى هناك». وأضاف: «لديّ شيء واحد أقوله: تذكروا السابع من أكتوبر، تذكروا السابع من أكتوبر»، في إشارة إلى الهجوم الذي شنه «حماس» على إسرائيل عام 2023، والذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة.
وأفاد ترامب أيضًا بأنه أجرى «مكالمة جيدة» مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد، حيث ناقشا خطط إسرائيل للسيطرة على معاقل «حماس» المتبقية في غزة بهدف إنهاء الحرب من خلال إطلاق سراح الرهائن وهزيمة الحركة.
سياسات ترامب وتأجيج الصراع
في ولايته الأولى التي انتهت يناير 2021، تبنى ترامب سياسات عززت التحالفات الإسرائيلية في المنطقة، مع دعم قوي للحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو، متخليًا عن نهج السلام التقليدي. كانت خطوة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في 2018 نقطة فاصلة أثارت ردود فعل غاضبة في فلسطين والعالم العربي، وأسهمت في تصعيد التوترات.
بعد استلامه ولايته الثانية في يناير 2025، استمر ترامب في نهجه المتشدد، معززًا الضغط على غزة وحركة «حماس»، مما ساعد على تأجيج الأوضاع وزيادة حالة الاحتقان.
يواصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تبني موقف متشدد تجاه حركة «حماس»، حيث أكد بوضوح رفضه استمرار وجود الحركة في قطاع غزة، معتبراً أن القضاء عليها يمثل شرطًا أساسياً لتحقيق الأمن لإسرائيل. في تصريحاته الأخيرة، ربط ترامب مواقفه بالذكرى الحاسمة للسابع من أكتوبر 2023، التاريخ الذي شهد الهجوم المفاجئ لـ«حماس» على إسرائيل، والذي أشعل حربًا مدمرة. ويبرز في مواقفه إصرار على تصعيد الضغط العسكري دون تقديم حلول سياسية أو إنسانية تذكر، ما يعكس تجاهلاً متعمداً لمعاناة المدنيين في غزة، ويؤكد استمرار النهج الذي يعتبر الصراع عسكريًا بحتًا دون إدخال البُعد الإنساني أو السياسي في المعادلة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل تبني سياسة صارمة، مؤكدًا على ضرورة توجيه ضربات عسكرية غير مسبوقة لـ«حماس» في غزة بهدف القضاء على بنيتها التنظيمية والعسكرية. يرى نتنياهو أن هذا الخيار هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع الحالي وضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل، مستنداً إلى دعم شعبي داخلي وإقليمي لهذه السياسة. مع ذلك، هذه السياسة تصطدم بانتقادات دولية متزايدة بسبب الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمدنيين، لكنها تبقى الخيار الرسمي الذي يقوده نتنياهو وسط أزمة ثقة متبادلة مع الجيش الإسرائيلي.
بينما تظهر القيادة العسكرية داخل الجيش الإسرائيلي حالة من التردد والقلق حيال العمليات البرية الشاملة المقررة ضد قطاع غزة، خاصةً مع وجود رهائن إسرائيليين محتجزين لدى «حماس». يخشى كبار القادة من أن تؤدي هذه العمليات إلى تعريض حياة الرهائن للخطر، إضافة إلى احتمال ارتفاع الخسائر المدنية التي قد تُفاقم الضغط الدولي على إسرائيل. كما أن هناك تحفّظات على استراتيجية نتنياهو التي قد تؤدي إلى إطالة أمد المواجهة، ما قد يضعف القدرات القتالية للجيش ويزيد من التوترات الداخلية في إسرائيل.
من جانبها، تؤكد «حماس» على أنها ليست سوى حركة مقاومة شرعية تدافع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وترى الحركة أن استمرار الصمود في مواجهة الحصار والحرب المفروضة عليها هو السبيل الوحيد للحفاظ على الوجود الفلسطيني في غزة. رغم الخسائر الكبيرة والضغوط القاسية، تحاول «حماس» الحفاظ على معنويات قواعدها وشعبها، مع استغلال أي فرصة سياسية أو عسكرية لفرض شروطها، خصوصًا في ملف الرهائن. تصريحات الحركة تؤكد أن الأزمة ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل صراع على البقاء والهوية السياسية.
استمرار تصاعد الخطاب والتصعيد العسكري بين الأطراف، خصوصًا مع تشدد مواقف ترامب ونتنياهو، يهدد بإطالة أمد النزاع وتحويله إلى صراع مفتوح يصعب السيطرة عليه. رفض أي طرف التنازل أو البحث عن حلول سياسية يعمّق الأزمة ويزيد من المعاناة الإنسانية في غزة، مما يفتح المجال لتدخلات إقليمية ودولية قد تعقد المشهد أكثر.
بالإضافة إلى ذلك، تصاعد التوترات داخل إسرائيل، خاصة الانقسامات بين الجيش والحكومة، يعكس هشاشة القرار السياسي وقد يؤدي إلى اضطرابات داخلية قد تؤثر على استقرار إسرائيل. من جهة أخرى، تمسك «حماس» بالمقاومة وعدم قبولها للتسوية دون ضمانات حقيقية، يزيد من احتمال استمرار المواجهات المسلحة، وربما توسع رقعة الصراع لتشمل مناطق أخرى في المنطقة، ما يهدد الاستقرار الإقليمي بأكمله.
في ظل هذه المعطيات، يصبح الحل السياسي ضرورة ملحة، لكنه يتطلب إرادة دولية وإقليمية مشتركة للضغط على جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين.