طلاب غزة بين جوع مميت وطموحات محطمة

رويترز- وكالة أنباء آسيا

2025.08.12 - 10:49
Facebook Share
طباعة

في ظل الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة، تتكشف مأساة جديدة بين أوساط الطلاب الذين كانوا يراهنون على العلم لبناء مستقبلهم، لكن الحرب والدمار المستمرين حولا حياتهم إلى معاناة يومية من أجل البقاء.

في تقرير لوكالة رويترز، سلط الضوء على واقع التعليم في غزة الذي تآكل بفعل النزاع، وما يعانيه شباب القطاع من فقدان الأمل وغياب الأمن الغذائي، وسط تبادل الاتهامات بين الأطراف المتنازعة.


طلاب غزة بين الطموح واليأس

 

"كنت أحلم بأن أكون صحفية، واليوم أبحث فقط عن الطعام لأبقى أنا وعائلتي أحياء"

كانت الطالبة مها علي مصممة على أن تصبح صحفية يومًا ما وتغطي أحداث غزة، لكنها الآن لا تملك سوى طموح واحد: إيجاد الطعام في ظل الجوع الذي يدمر غزة.

تعيش مها علي، التي تبلغ من العمر 26 عامًا، بين أنقاض الجامعة الإسلامية، المؤسسة التعليمية التي كانت مكتظة بالطلاب سابقًا، والتي أصبحت الآن ملجأ للنازحين، وسط دمار معظم المؤسسات التعليمية في غزة.

قالت مها: "لطالما قلنا إننا نريد أن نعيش، ونريد أن نتعلم، ونريد أن نسافر. والآن نقول إننا نريد أن نأكل".

مها هي جزء من جيل من سكان غزة، من المدارس الابتدائية إلى الجامعات، ممن حُرموا من التعليم بسبب ما يقرب من عامين من الغارات الجوية الإسرائيلية التي دمرت معظم مؤسسات القطاع.


تروي سجى عدوان (19 عامًا)، طالبة متفوقة في معهد الأزهر بغزة، كيف أن قصف المبنى الذي كانت تدرس فيه حوله إلى مأوى عائلي مؤقت. تحت الحصار، اختفت كتبها وموادها الدراسية، ولشغل نفسها تكتب ملاحظات على الأوراق القليلة المتبقية.

قالت سجى: "كانت كل ذكرياتي هناك، طموحاتي، أهدافي. كنت أحقق حلمي هناك. كانت حياتي. عندما كنت أذهب إلى المعهد، كنت أشعر براحة نفسية".


واتهم وزير التربية والتعليم الفلسطيني، أمجد برهم، إسرائيل بتنفيذ عملية تدمير ممنهج للمدارس والجامعات، قائلاً إن 293 مدرسة من أصل 307 دمرت بشكل كلي أو جزئي. وأضاف: "الاحتلال بهذا يريد قتل الأمل لدى أبنائنا وبناتنا".

ووفقًا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن 97% من المرافق التعليمية في غزة تعرضت لمستوى ما من الضرر، مع حاجة 91% منها إلى إعادة تأهيل كبرى أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.


وأضاف المكتب أن القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحد من دخول الإمدادات التعليمية إلى غزة، مما يقوض نطاق ونوعية التدخلات.

ترسم هذه الإحصائيات القاتمة مستقبلًا مظلمًا لياسمين الزعانين (19 عامًا)، التي تجلس في خيمة للنازحين تفرز الكتب التي نجت من الغارات الإسرائيلية والنزوح. وتذكرت كيف كانت منغمسة في دراستها، وطباعة الأوراق، وإيجاد مكتب وتزويده بالإضاءة.

قالت ياسمين: "بسبب الحرب، توقف كل شيء. كل ما بنيته، كل ما فعلته، في ثوانٍ، اختفى".

لا يوجد أمل فوري في العودة إلى الفصول الدراسية، وفشل الوسطاء في تأمين وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس، مما أدى إلى استمرار الصراع الذي أودى بحياة آلاف المدنيين وأسر مئات آخرين.

وتتهم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إسرائيل بشن هجمات ممنهجة تستهدف المنشآت التعليمية، معتبرة ذلك انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.

في المقابل، تنفي إسرائيل هذه الاتهامات، وتقول إن حماس تستخدم المدارس والجامعات كغطاء عسكري مما يجعلها أهدافًا مشروعة في الحرب.

وسط هذه الظروف القاسية، أصبح الطلاب في غزة مضطرين إلى التخلي عن تعليمهم والبحث عن فرص للبقاء في ظل أزمة غذائية متفاقمة ودمار شامل للبنية التحتية.


بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الشهداء منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 أكثر من 60,000 شخص، معظمهم ، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.


ويبقى مستقبل التعليم في غزة غامضًا، وسط معاناة مستمرة للشباب الفلسطيني، وتداعيات إنسانية جمة قد تمتد لسنوات قادمة ما لم تتوقف الحرب ويُفتح المجال أمام جهود إعادة البناء والدعم الإنساني. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4