منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، يعيش سكان ريف دير الزور في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تحت وطأة أزمة كهرباء خانقة، جعلت حياتهم اليومية أكثر صعوبة، خاصة مع الارتفاع الحاد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية في معظم القرى والبلدات ساعة واحدة فقط على مدار اليوم، وهي فترة زمنية لا تكفي لتلبية أبسط الاحتياجات، بدءًا من تشغيل المراوح أو أجهزة التبريد، وصولًا إلى حفظ المواد الغذائية أو تشغيل الأجهزة الطبية الضرورية للمرضى وكبار السن.
هذه الأزمة المستمرة تتزامن مع موجة حر غير مسبوقة، تضرب المنطقة منذ أيام، ما يضاعف المعاناة ويجعل من الحياة اليومية تحديًا مرهقًا للأهالي. فغياب الكهرباء يعني شللًا شبه كامل في الأنشطة المنزلية، ويجبر السكان على البحث عن بدائل مكلفة أو محدودة الفعالية، مثل المولدات الخاصة التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود وتثقل كاهل الأسر بمصاريف إضافية.
القطاع الزراعي، الذي يعد مصدر رزق أساسي لغالبية سكان الريف، لم يسلم هو الآخر من تداعيات الانقطاع. فالمزارعون يجدون صعوبة في تشغيل مضخات الري، مما يهدد المحاصيل الصيفية بخطر الجفاف، ويهدد الأمن الغذائي المحلي.
كما أن الأسواق والمحال التجارية تعاني بدورها من نقص الكهرباء، ما يؤثر على تخزين البضائع القابلة للتلف، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار أو فقدان بعض المواد من السوق. ويشكو أصحاب الورش والمشاغل من توقف أعمالهم أو اضطرارهم لتقليص ساعات العمل بسبب ارتفاع تكاليف تشغيل المولدات.
ورغم إدراك الجميع لوجود مشاكل تقنية ولوجستية في شبكات التوزيع، إلا أن غياب خطط واضحة أو تحركات ملموسة لحل الأزمة يزيد من حالة الإحباط بين الأهالي. فحتى الآن، لا توجد مؤشرات على قرب انفراج الأزمة أو عودة الكهرباء إلى معدلاتها الطبيعية.
في ظل هذه الأوضاع، يطالب سكان ريف دير الزور الجهات المعنية بالتحرك العاجل لوضع حلول عملية تضمن استقرار التيار الكهربائي، ولو بشكل تدريجي، للتخفيف من حدة المعاناة. كما يدعون إلى تعزيز صيانة البنية التحتية لشبكات الكهرباء، وتأمين مصادر تغذية بديلة تلائم طبيعة المنطقة وظروفها المناخية.
وبينما تستمر درجات الحرارة في تسجيل مستويات مرتفعة، يبقى أمل السكان معلقًا على تدخل سريع يضع حدًا لهذا الانقطاع شبه التام، الذي حول حياتهم اليومية إلى سلسلة من المعارك الصغيرة ضد الحر والظلام وغياب الخدمات الأساسية.
فالأزمة، كما يصفها كثيرون، لم تعد مسألة راحة أو رفاهية، بل قضية تمس الصحة العامة، الأمن الغذائي، والاستقرار المعيشي لمئات الآلاف من المواطنين الذين يجدون أنفسهم اليوم أمام تحدٍّ قاسٍ لا يملكون تجاهه سوى الصبر وانتظار الحلول.