تصدرت مؤتمرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإعلام العبري، لكنها لم تحقق له مكاسب واضحة في الرأي العام أو بين الصحافة المحلية والدولية.
خلال ساعة واحدة فقط، عقد نتنياهو مؤتمرين صحافيين تحدث فيهما عن أزمة الجوع في قطاع غزة، إلا أنه واجه انتقادات شديدة بسبب تناقض تصريحاته، وغياب رؤية واضحة لإدارة الحرب وأهدافها النهائية.
وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه منفصل عن الواقع ومتوتر، مع شكوك كبيرة حول دوافعه الحقيقية واستراتيجيته التي يُعتقد أنها تهدف لإبقاء الحرب مستمرة على نار هادئة لضمان بقائه في الحكم.
مؤتمران صحافيان في ساعة واحدة… هل يُعزز ذلك موقف نتنياهو؟!!
عقد نتنياهو مؤتمرين متتاليين، الأول للصحافة الأجنبية، والآخر للصحافة الإسرائيلية، في محاولة للتواصل مع الجمهورين المختلفين، لكنه بدا في الحالتين مضطرباً وغير واضح.
وأثبتت هذه الخطوة عكس هدفها، حيث وصفه الإعلام بأنه يعاني من تناقضات في خطابه، ويشكك في مصداقيته بسبب الرسائل المتعارضة التي وجهها لكل من الجمهور الإسرائيلي والدولي.
الاعتراف بالأزمة الإنسانية وتحميل حماس المسؤولية:
في خطاباته، اعترف نتنياهو بوجود أزمة إنسانية حادة في غزة، لكنه ألقى المسؤولية الكاملة على حركة حماس، متهماً إياها بمنع وصول المساعدات وخلق الأزمة، أكد أن السيطرة على القطاع هي السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى وضمان أمن إسرائيل، مشدداً على أن القضاء على حماس شرط أساسي لمستقبل الدولة.
تصريحات متناقضة تثير الشكوك حول مصداقية القيادة:
تصريحات نتنياهو تباينت بشكل واضح بين مخاطبته الإعلام الأجنبي، حيث نفى نيته احتلال غزة، وبين حديثه للإسرائيليين الذي أكد فيه على الخطط العسكرية لاحتلال القطاع والسيطرة عليه.
هذه التناقضات عززت حالة عدم الثقة تجاهه، وأدت إلى اتهامه بعدم الوضوح وربما التلاعب بالرأي العام.
أزمة الثقة داخل الحكومة وتأجيل المؤتمر الصحافي:
على المستوى السياسي الداخلي، ازدادت الأزمة تعقيداً مع إعلان وزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش فقدان ثقته في نتنياهو، وهو ما أدى إلى تأجيل مؤتمر صحافي كان مقرراً مسبقاً. هذه الانقسامات تعكس وضعاً هشا داخل الحكومة التي تواجه ضغوطاً متزايدة من مختلف الأطراف السياسية والعسكرية.
غياب خطة واضحة لما بعد الحرب وتأثيره على الرأي العام:
انتقد الإعلام عدم تقديم نتنياهو خطة واضحة لمرحلة ما بعد الحرب، خاصة فيما يتعلق بمصير قطاع غزة والعلاقات مع السلطة الفلسطينية.
هذا الغموض زاد من قلق الجمهور الإسرائيلي، الذي بدأ يشكك في جدوى الحرب وطول مدتها وتأثيرها على الاستقرار الداخلي والخارجي.
مستقبل الأزمة السياسية في إسرائيل:
يواجه نتنياهو سيناريوهات معقدة، إذ قد تؤدي الأزمة السياسية المتصاعدة إلى زيادة الاحتجاجات وانقسام أكبر داخل الحكومة، ما قد يفضي إلى انتخابات مبكرة أو تغييرات في القيادة.
أما السيناريو الأكثر تفاؤلاً، فيعتمد على قدرة نتنياهو على تقديم خطة شاملة لإنهاء الصراع وتحقيق مطالب الشعب الإسرائيلي، ما قد يعيد له الدعم ويُهدئ الأجواء المتوترة.
حيث تعكس هذه التطورات أزمة عميقة في القيادة الإسرائيلية، يبدو نتنياهو عالقاً بين ضغوط داخلية لإثبات قوته وخطط عسكرية معقدة تواجه انتقادات داخلية ودولية.
تناقض خطاباته يضر بمصداقيته، ويضعف قدرة حكومته على تحقيق توافق سياسي يوقف الحرب أو يحدد نهايتها بوضوح.
في الوقت نفسه، استمرار الحرب على غزة دون خطة واضحة يعمق الانقسام الاجتماعي والسياسي في إسرائيل، مما يهدد الاستقرار السياسي الداخلي في لحظة حاسمة.
فشل نتنياهو في توحيد الصف الداخلي وتقديم رؤية واضحة للحل قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مستوى السلطة، ويعطي فرصة للمعارضة وأطراف أخرى للضغط من أجل تغيير القيادة.
وبذلك، تصبح إدارة الأزمة الحالية اختباراً حقيقياً لقدرة إسرائيل على مواجهة تحدياتها الأمنية والسياسية في آن واحد.