تحالف دولي لغزة: مناورة فرنسية أم مسار واقعي؟
فرنسا _ وكالة أنباء آسيا
طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة تشكيل "تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة" لضمان استقرار غزة، في لحظة يشتد فيها الجدل حول خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية داخل المدينة والمواصي وإعادة احتلالها. ماكرون، الذي حذر من "كارثة غير مسبوقة"، وضع نفسه في قلب النقاش الدولي، بين دعوات وقف إطلاق النار والتحذيرات من حرب بلا نهاية.
اقتراح التحالف الدولي يعيد إلى الأذهان نماذج سابقة، مثل القوات متعددة الجنسيات في لبنان بعد 1982م، أو بعثات الأمم المتحدة في مناطق النزاع، لكنه يطرح سؤالًا أساسيًا: من سيتحمل تكلفة ومخاطر الانتشار في بيئة مدمرة ومحاطة بتعقيدات سياسية وأمنية؟
التحرك الفرنسي قد يكون جزءًا من مناورة دبلوماسية لتقديم باريس كوسيط دولي قادر على تحريك المياه الراكدة، خاصة مع غياب مبادرات فعالة من القوى الكبرى الأخرى، لكنه أيضًا قد يواجه عقبات صلبة، أبرزها الرفض الإسرائيلي لأي وصاية أمنية خارجية، وغياب التوافق الدولي في مجلس الأمن وسط الانقسامات بين واشنطن وموسكو وبكين.
استراتيجياً ، يحمل المقترح وجهين متناقضين. بالنسبة للفلسطينيين، يمكن للتحالف أن يفتح نافذة لتخفيف الضغط العسكري، ويؤسس لمرحلة انتقالية تتيح إدخال المساعدات وإعادة الإعمار تحت إشراف دولي، ما يحد من الهيمنة الإسرائيلية المباشرة على الحياة اليومية في غزة. أما بالنسبة لإسرائيل، فإن وجود تحالف متعدد الأطراف قد يوفر غطاءً دبلوماسيًا لإنهاء العمليات العسكرية من دون أن يُفسَّر ذلك كتنازل أمام حماس، مع ضمان استمرار السيطرة الأمنية غير المباشرة.
لكن نجاح هذه الصيغة يتوقف على قدرتها على كسر الجمود في مجلس الأمن وتجاوز رفض تل أبيب لأي إشراف أمني خارجي، كما أن غياب توافق بين القوى الكبرى قد يحول التحالف إلى مبادرة رمزية بلا أثر حقيقي على الأرض.
بهذه المعادلة، تبدو مبادرة ماكرون محاولة لإعادة تعريف قواعد الاشتباك في غزة، لكنها ستظل رهينة لموازين القوى بين الأطراف المتحاربة وإرادة المجتمع الدولي في فرض حل متوازن يخدم الطرفين.
في المقابل، يرى مراقبون أن مجرد طرح الفكرة يعكس قلقاً أوروبياً متصاعداً من انفجار الأوضاع في غزة إلى مستوى يهدد استقرار المنطقة الأوسع، وربما مصالح أوروبا الأمنية.
