مخيم الهول.. ورقة قسد التي تتلاشى

سامر الخطيب

2025.08.11 - 02:52
Facebook Share
طباعة

 لم يعد مخيم "الهول" في ريف الحسكة الشرقي مجرد قضية إنسانية، بل تحول منذ سنوات إلى ورقة سياسية وأمنية بيد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي لطالما استخدمته كذريعة للحصول على دعم دولي، خصوصاً من الولايات المتحدة. غير أن التفاهمات الأخيرة بين دمشق وقوى إقليمية ودولية، بما فيها العراق، بدأت تهدد بسحب هذه الورقة من يد "قسد"، وسط تحركات فعلية لإفراغ المخيم تدريجياً.


المخيم، الذي كان يضم نحو 70 ألف شخص معظمهم من عائلات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، انخفض عدد قاطنيه إلى أقل من النصف، مع استمرار خروج دفعات باتجاه مناطق سورية مختلفة أو إلى العراق. وزارة الهجرة العراقية أعلنت بالفعل إعادة نحو 15 ألف شخص إلى البلاد، بينما توصلت "الإدارة الذاتية" إلى اتفاق مع دمشق على آلية مشتركة لإخراج العائلات السورية، بدعم من "التحالف الدولي".


لكن هذه التحركات تتزامن مع توترات أمنية داخلية، إذ وثقت إدارة المخيم أعمال حرق وتخريب واعتداءات جسدية، قالت إنها من تنفيذ خلايا مرتبطة بالتنظيم. ورغم خطورتها، يرى محللون أن "قسد" تستثمر هذه الحوادث سياسياً، لتبرير استمرار سيطرتها على المنطقة، والحفاظ على الدعم العسكري والمالي الخارجي.


باحثون يصفون المخيم بأنه "قنبلة موقوتة صغيرة"، حيث يسهل الفساد بين بعض الحراس عمليات تهريب قيادات التنظيم، مقابل مبالغ مالية. ويشير إلى أن معالجة ملف المخيم سيحرم "قسد" من ذريعة أساسية لرفض تسليم مناطقها أو تنفيذ أي اتفاق مع دمشق.


من الناحية الإنسانية، الوضع داخل المخيم بالغ الصعوبة. منظمات دولية تصفه بأنه أقرب لمعسكر احتجاز، حيث يعيش عشرات الآلاف في ظروف قاسية، مع نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية، خاصة في الصيف الحار أو الشتاء الماطر حين تغرق الخيام. التقارير تشير إلى وفاة مئات الأشخاص، غالبيتهم أطفال، بسبب سوء التغذية والأمراض.


أما على الصعيد الأمني، فقد تزامنت أحداث المخيم مع تجدد نشاط تنظيم "الدولة" في مناطق عدة من سوريا. ومع ذلك، يؤكد الأحمد أن الهجمات الأخيرة للتنظيم ليست مرتبطة مباشرة بالمخيم، بل هي جزء من استراتيجية أوسع لاستغلال حالة التوتر والاحتقان ضد "قسد" في المناطق ذات الغالبية العربية.


اللافت أن التفاهمات الجارية حول المخيم باتت تُدار بين دمشق وواشنطن وبمشاركة العراق والأمم المتحدة، ما يعني أن "قسد" أصبحت طرفاً ثانوياً في ملف كانت تعتبره أوراق قوتها الأساسية. ومع إفراغ المخيم تدريجياً، قد تفقد هذه القوات أهم أسباب بقائها على طاولة الدعم الدولي، لتتحول القضية من ورقة ضغط بيدها إلى عبء أمني وإنساني تحاول التخلص منه القوى الكبرى.


مستقبل مخيم "الهول" يبدو الآن جزءاً من معادلة أوسع لإعادة رسم مناطق النفوذ في سوريا. وإذا استمرت الترتيبات الحالية، فإن أشهر قليلة قد تكفي لإنهاء وجوده بشكل شبه كامل، لتطوى صفحة واحدة من أكثر ملفات الصراع السوري تعقيداً، وإن ظلت تبعاته الأمنية والإنسانية قائمة لسنوات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1