في موقف علني يؤكد الدعم الإقليمي لسلاح المقاومة اللبنانية، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن "إيران تدعم حق لبنان الكامل في الدفاع عن نفسه"، مشددًا في مؤتمر صحفي عقد اليوم الاثنين على أن هذا الحق "غير ممكن من دون التمتع بقدرات تسليحية وعسكرية".
هذا التصريح جاء بالتزامن مع نتائج استطلاع جديد للرأي أظهرت أن أغلب اللبنانيين يرفضون المس بسلاح "حزب الله" من دون وضع استراتيجية دفاعية واضحة، ما يعكس تعقيدات المشهد السياسي اللبناني الذي يظل محاطًا بتوترات أمنية إقليمية متصاعدة، لا سيما على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
في حديثه الأسبوعي، أكد إسماعيل بقائي أن "إيران تؤكد ضرورة الحفاظ على سيادة لبنان ووحدة أراضيه، وتقر بحق لبنان المشروع في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة".
وأضاف بقائي أن "التجارب أثبتت أن تجهيز الدول بالمعدات العسكرية وتعزيز قدراتها الدفاعية هو الحل الوحيد لردع الاعتداءات الإسرائيلية"، مستعرضًا الصعوبات التي تواجه لبنان في مجاراة "كيان محتِل وغير ملتزم بالقوانين الدولية".
هذا الموقف الإيراني يأتي في سياق توتر إقليمي متزايد، حيث تلعب طهران دورًا بارزًا في دعم حلفائها في لبنان وسوريا، ويعتبر سلاح "حزب الله" محورًا أساسيًا في منظومة الردع اللبنانية ضد إسرائيل.
استطلاع جديد: غالبية اللبنانيين ترفض المس بسلاح المقاومة
أظهر استطلاع للرأي أجراه "المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق" عبر مديرية الإحصاء واستطلاعات الرأي خلال الفترة من 27 يوليو حتى 4 أغسطس 2025، أن 58% من اللبنانيين يعارضون المس بسلاح "حزب الله" دون وجود خطة استراتيجية دفاعية واضحة.
وتوزعت النتائج عبر الطوائف كالتالي:
رفض سحب سلاح المقاومة بنسبة 96% لدى الشيعة،
50% من السنة،
46% من الدروز،
و32% من المسيحيين.
كما أكد 72% من المشاركين أن "الجيش اللبناني غير قادر وحده على التصدي لأي عدوان إسرائيلي"، ورأى 76% منهم أن "الدبلوماسية وحدها غير كافية لردع مثل هذا العدوان".
تصريحات رسمية لبنانية: رفض التدخل الإيراني وتأكيد السيادة
في سياق متصل، أدانت وزارة الخارجية اللبنانية تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، التي عبر فيها عن معارضة طهران نزع سلاح المقاومة في لبنان، مشددة على أن لبنان "لن يكون هناك جولاني آخر"، في إشارة إلى القيادي السوري الذي قتل في هجوم إسرائيلي سابق.
وقالت الخارجية اللبنانية في بيان رسمي مساء السبت إن هذه التصريحات "تشكل تدخلا سافرا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية"، مؤكدة على ضرورة احترام السيادة اللبنانية وعدم المساس بقرارها الداخلي.
توترات إقليمية معقدة
يبقى ملف سلاح "حزب الله" نقطة محورية في الصراعات اللبنانية الإقليمية، إذ يمثل هذا السلاح ورقة قوة رئيسية في مواجهة إسرائيل. تدعم إيران هذا الواقع عبر توفير التسلح والتدريب للمقاومة، في وقت تحاول دول أخرى داخل لبنان وخارجه الضغط من أجل نزع هذا السلاح ضمن أجندات سياسية وأمنية متعددة الأوجه.
كما يعكس رفض اللبنانيين المس بسلاح المقاومة عدم ثقتهم في قدرة الجيش اللبناني على تحمل كامل المسؤولية الأمنية بمفرده، وكذلك قناعة واسعة بعدم كفاية الحلول الدبلوماسية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية.
يأتي ذلك في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية، خصوصًا مع استمرار الحرب في سوريا، وتأثيراتها المباشرة على الأمن اللبناني، من خلال تهديدات مجموعات مسلحة، وتدفق اللاجئين، وتعقيدات جيوسياسية تزيد من هشاشة الاستقرار الداخلي اللبناني.
المشهد اللبناني لا يزال محاطًا بالتوتر، حيث تتداخل الأبعاد الداخلية مع الإقليمية بشكل معقد، وتبقى مسألة السلاح ومشروع المقاومة من القضايا الحساسة التي يختلف عليها اللبنانيون والطوائف.
الدعم الإيراني العلني لسلاح المقاومة يؤكد استمرار هذا التوجه الإقليمي، في حين يبرز رفض شعبي واسع لسحب السلاح دون استراتيجية واضحة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في لبنان.