في خطوة لاقت تفاعلاً واسعاً، أثار محمد صلاح، قائد المنتخب المصري ونجم نادي ليفربول الإنجليزي، جدلاً بعد تساؤله عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) عن ملابسات استشهاد اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد، المعروف بلقب "بيليه فلسطين". جاء ذلك عقب إعلان وفاة العبيد بنيران الاحتلال الإسرائيلي أثناء استهداف منتظري مساعدات إنسانية جنوب قطاع غزة، في حادثة وصفتها جهات حقوقية بالـ"مجزرة".
شارك صلاح تغريدة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) نعى فيها اللاعب الفلسطيني، وأضاف تعليقًا مباشرًا: "هل يمكنك أن تخبرنا كيف مات وأين ولماذا؟"، مطالبًا بمزيد من الشفافية حول ملابسات الحادثة. هذه التغريدة أعادت تسليط الضوء على موقف صلاح المتكرر في التعبير عن تضامنه مع القضية الفلسطينية.
محمد صلاح ليس غريبًا على التصريحات الداعمة للفلسطينيين، إذ سبق له خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023 أن ندد بالعنف والمآسي التي يعيشها المدنيون في القطاع، معبراً عن ألمه لما يجري من انتهاكات. كما دعا في مناسبات سابقة إلى احترام حقوق الإنسان، مستخدمًا شهرته وموقعه في العالم الرياضي لرفع صوت المعاناة الفلسطينية.
رد جيش الاحتلال الإسرائيلي على تغريدة صلاح جاء سريعاً، حيث نفى متحدث باسم الجيش وجود أي سجلات تشير إلى استشهاد سليمان العبيد. وقال المتحدث نداف شوشاني في بيان: "بعد التحقيق لم نجد أي دليل على حادثة تورط فيها سليمان العبيد"، مضيفًا أنه يحتاج إلى معلومات مفصلة لدراسة القضية بعمق. هذا الرد أثار موجة من الانتقادات التي رأت فيه محاولة للتجاهل وتقليل شأن القضية، خاصة في ظل توثيق العديد من المؤسسات الحقوقية والإعلامية لحوادث مماثلة تعرض لها الفلسطينيون.
تأتي هذه الحادثة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يعاني المدنيون من حصار خانق، ونقص حاد في المواد الأساسية، مع ارتفاع في أعداد الضحايا المدنيين، خصوصًا الأطفال والنساء. وتواصل منظمات حقوق الإنسان توثيق الانتهاكات التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك استهداف المنشآت المدنية، وعمليات الإعدام الميدانية، واستهداف الصحفيين.
من جانبها، أثارت تغريدة صلاح نقاشًا واسعًا حول دور الشخصيات الرياضية والفنية في القضايا السياسية والإنسانية. كثير من المراقبين يرون أن صلاح يمثل صوتاً مؤثراً ليس فقط في مصر بل على الصعيد العالمي، وأن مواقفه تعكس قدرة الرياضة على تجاوز حدود الملعب والتأثير في القضايا الكبرى. وفي المقابل، يواجه هؤلاء الشخصيات ضغوطًا كبيرة، سواء من جهات رسمية أو جماهيرية، للالتزام بالحذر وعدم الخوض في المواضيع السياسية الحساسة.
صلاح، الذي يعتبر من أشهر الرياضيين العرب في العالم، يحظى بتقدير كبير لجدارته المهنية وأخلاقه العالية، وهو ما يمنحه ثقة واسعة في التعبير عن مواقفه. ويبدو أن تعاطفه مع القضية الفلسطينية مستمر في الارتفاع، مدفوعًا بمتابعة حثيثة لتطورات الأوضاع الإنسانية والسياسية هناك.
في نهاية المطاف، تبقى قضية سليمان العبيد رمزاً لمعاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال، وتعكس التغريدة الأخيرة لمحمد صلاح محاولة لرفع صوت الضحايا الذين كثيرًا ما تُغلق قضاياهم في دهاليز النسيان الرسمي والدولي.
ويبقى السؤال مطروحًا: كيف يمكن للأصوات الرياضية مثل صلاح أن تسهم في زيادة الوعي والضغط من أجل تحقيق العدالة وإنهاء معاناة المدنيين في فلسطين