تتواصل التوترات المتصاعدة في ملف غزة بعد إعلان إسرائيل خطة السيطرة على مدينة غزة، في خطوة أثارت تحذيرات دولية من كارثة إنسانية واسعة النطاق. في الوقت الذي يحذر فيه المسؤولون الأمميون والدوليون من تداعيات هذه الخطة، تتصاعد الأصوات الفلسطينية في الأمم المتحدة التي تؤكد أن إسرائيل تتجاهل القوانين الدولية، بينما يرفض المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حاسمة بسبب الخلافات السياسية بين أعضائه.
حيث عقد مجلس الأمن الدولي، الأحد، اجتماعًا طارئًا لمناقشة خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة، التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وسط تنديد واسع على الصعيد الدولي.
حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ميروسلاف جينكا خلال الجلسة من أن تنفيذ هذه الخطة قد يؤدي إلى "كارثة جديدة" في غزة، مشيراً إلى أن تداعياتها ستتجاوز القطاع المحاصر لتشمل المنطقة بأكملها، مع توقعات بزيادة النزوح القسري والقتل والدمار.
في هذا السياق، أشار السفير السلوفيني لدى الأمم المتحدة سامويل زبوغار، متحدثًا باسم الدول الأوروبية الخمسة في مجلس الأمن، إلى أن القرار الإسرائيلي "لن يكفل عودة الرهائن وقد يعرض حياتهم لخطر متزايد"، محذرًا من أن هذه الخطوة ستفاقم "الوضع الإنساني الكارثي في غزة" وتزيد من خطر "الموت والنزوح الجماعي" بين المدنيين الفلسطينيين.
في حين قال السفير الإسرائيلي داني دانون، إن "إسرائيل لن تتوقف عن القتال من أجل الإفراج عن جميع الرهائن"، مؤكداً أن "حماية أمن وسلامة مواطنيها أولوية لا مساومة عليها".
وفي مداخلة حادة، وصف مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور الموقف الإسرائيلي بأنه "تجاهل كامل لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها"، مضيفًا أن الإجراءات الدولية لا تتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين. وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى "لمحو الفلسطينيين من أرضهم"، مشيرًا إلى استمرار "القضاء على الحياة في قطاع غزة".
وأضاف منصور أن نتنياهو يرفض السماح للأمم المتحدة بالتحقق من الوضع الإنساني، حيث يزعم أن المجاعة في القطاع "أكذوبة"، داعياً الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية إلى الإسراع بذلك، ومشدداً على أن إسرائيل تطيل أمد الحرب "لمنع قيام دولة فلسطينية".
تصاعد الأزمة في غزة يعكس مدى تعقيد النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصة مع تصميم إسرائيل على تنفيذ خطة عسكرية تستهدف السيطرة الكاملة على القطاع، في مواجهة انتقادات دولية شديدة وتهديدات بأزمة إنسانية كارثية.
تجاهل إسرائيل المتكرر للقرارات الدولية، كما أكد مندوب فلسطين، يعمق الانقسامات في مجلس الأمن ويبرز تحديات حقيقية في فرض القانون الدولي ووقف العنف. الخلافات بين الأعضاء، خاصة في ظل تحالفات سياسية وإقليمية، تعيق اتخاذ إجراءات حاسمة تحمي المدنيين وتدفع نحو حل سياسي.
في الوقت نفسه، تسلط تصريحات السفير السلوفيني الضوء على مخاوف حقيقية من تفاقم معاناة المدنيين الفلسطينيين، خصوصًا فيما يتعلق بالرهائن والمساعدات الإنسانية، في حين تؤكد إسرائيل أن عملياتها تهدف إلى حماية أمنها الوطني.
هذا المشهد السياسي المعقد يظهر أن الحلول العسكرية لن تكون كافية لإنهاء النزاع، وأن المجتمع الدولي مطالب بجهود أكبر لتقديم ضمانات سلام وأمن حقيقية لكلا الطرفين، لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية وتجنب زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.