لبنان بين قرار نزع السلاح وخطر المواجهة الداخلية

بيروت- وكالة أنباء آسيا

2025.08.10 - 08:43
Facebook Share
طباعة

تحولت شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، مساء السبت، إلى مشهد أشبه بحالة الطوارئ، مع انتشار أمني وعسكري مكثف، بالتزامن مع مسيرات حاشدة لمؤيدي حزب الله، في أجواء توتر متصاعد بعد قرار حكومي بسحب سلاح الحزب قبل نهاية العام الجاري.

 

المشهد بدأ بدراجات نارية يقودها شبان يرتدون السواد ويرفعون أعلام الحزب، فيما يعرف بـ"مسيرات القمصان السود"، جابت الضاحية الجنوبية وشتورا في البقاع، رفضًا لما يعتبره الحزب تهديدًا مباشرًا لوجوده العسكري. في المقابل، عزز الجيش اللبناني انتشاره، فأغلق الطرق المؤدية إلى معاقل الحزب بالأسلاك الشائكة، وحاصر المداخل الرئيسية للضاحية، كما كثف وجوده عند مطار رفيق الحريري الدولي والتقاطعات المؤدية إليه، في محاولة لاحتواء أي احتكاك مع مناطق أخرى.

 

التصعيد الأمني جاء بعد ساعات من انفجار دموي في منطقة مجدل زون – وادي زبقين بقضاء صور، أودى بحياة ستة عسكريين من فوج الهندسة أثناء تفكيك ذخائر غير منفجرة، داخل منشأة عسكرية تابعة لحزب الله، وفق ما أفاد مصدر عسكري لوكالة "فرانس برس". الرئيس اللبناني جوزيف عون نعى الضحايا، مؤكدًا أن الجيش سيظل "درع الوطن وحارس حدوده الأمين".

قرار الحكومة نزع سلاح حزب الله فجّر موجة رفض حادة من قيادات الحزب، وُصفت بأنها تحذير من "انتحار سياسي" قد يفتح باب المواجهة الداخلية، فيما دعت حركة أمل، الحليف التقليدي للحزب، مناصريها إلى عدم الانجرار وراء دعوات التظاهر. ومع ذلك، شهدت الأيام الأخيرة قطع طرقات واحتجاجات متفرقة، دفعت الجيش إلى اعتقال عدد من المشاركين.

 

في بيان رسمي، حذر الجيش اللبناني من محاولات "إثارة التوتر" عبر دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا احترامه حرية التعبير السلمي، لكنه شدد على أنه لن يسمح بقطع الطرق أو الإخلال بالأمن والسلم الأهلي. كما دعا اللبنانيين إلى التحلي بالمسؤولية والوحدة الوطنية لتجاوز التحديات، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والوضع الداخلي المتأزم.

الخلفية التاريخية للأزمة تعود إلى اتفاق الطائف عام 1989 الذي نص على حصر السلاح بيد الدولة، مع استثناء حزب الله بصفته "قوة مقاومة" ضد الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، قبل أن تتجدد المطالبات الدولية عبر قرارات مجلس الأمن 1559 و1701 بضرورة نزع سلاحه. وخلال حربه مع إسرائيل بين 2023 و2024، تكبد الحزب خسائر بشرية وعسكرية فادحة، ما فتح الباب أمام ضغوط أميركية ودولية لتقليص قدراته.

 

الخطة الأميركية الأخيرة، التي نقلها المبعوث توماس بارّاك إلى بيروت، تقوم على أربع مراحل تشمل إصدار مرسوم حكومي، نشر الجيش لفرض سيطرة الدولة على السلاح، انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب، ثم عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار. وقد وافقت الحكومة اللبنانية على الأهداف العامة للخطة وكلفت الجيش بإعداد تصور كامل للتنفيذ قبل نهاية أغسطس، رغم انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل من الجلسة الوزارية اعتراضًا.

 

حزب الله رفض القرار واعتبره "خطيئة كبرى" تصب في مصلحة إسرائيل، متوعدًا بتجاهله بالكامل، فيما يرى محللون أن لبنان يقف أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما المضي في تنفيذ الخطة ومواجهة خطر الانقسام الداخلي، أو التراجع عنها مع ما يحمله ذلك من تداعيات على الدعم الدولي وإعادة الإعمار.

بهذه التطورات، يعود ملف سلاح حزب الله إلى صدارة المشهد اللبناني، كأحد أعقد الملفات وأكثرها حساسية منذ أحداث 7 مايو 2008، وسط تحذيرات من أن أي خطوة غير محسوبة قد تدفع البلاد إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي والأمني.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8