لبنان يواجه تحديات توحيد السلاح وتعزيز الأمن

بيروت - وكالة أنباء آسيا

2025.08.09 - 02:27
Facebook Share
طباعة

في لحظة حساسة للغاية، حذر الجيش اللبناني اليوم السبت من المساس بالأمن والسلم الأهلي في ظل تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية التي تهدد استقرار البلاد.

 

البيان الرسمي الصادر عن مديرية التوجيه بالجيش، جاء كرسالة تحذير صارمة من مغبة تحركات احتجاجية غير محسوبة العواقب، وسط موجة دعوات متزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي لمظاهرات ومواجهات.

 

تشكل هذه التحذيرات مؤشراً على أزمة عميقة تتخطى مجرد مواجهة احتجاجات محلية، لتصل إلى صراع أوسع يُعيد تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في لبنان، الذي يعاني من تداخل بين عوامل داخلية وخارجية معقدة. إذ تأتي هذه التطورات في سياق استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الحدود، مما يضاعف من حدة التوتر ويزيد من المخاوف من انفجار الأوضاع الأمنية.

 

خلفيات هذا التحذير العسكري مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بقرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة، خطوة تصدت لها جماعات مسلحة مثل حزب الله الذي اعتبرها تهديدًا لتوازن القوى الداخلي.

 

المظاهرات التي نفذها مناصرو الحزب مؤخرًا، وقطع الطرقات، بالإضافة إلى نشر مقاطع فيديو مفبركة عبر منصات التواصل، تعكس محاولات لإرباك المشهد الوطني وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية.

 

يُبرز هذا السياق تحديًا جوهريًا أمام السلطة الرسمية في لبنان، إذ يتعين عليها ضبط الوضع مع احترام حرية التعبير السلمي، دون السماح بتمزيق النسيج الاجتماعي أو تعريض أمن المواطنين للخطر.

 

وأكد الجيش في بيانه ضرورة التزام جميع الأطراف بالمسؤولية والوحدة الوطنية، في مواجهة أزمات اقتصادية وسياسية مستمرة، إضافة إلى تهديدات خارجية متجددة.

 

 

قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، الذي أقرته الحكومة مؤخراً، يعد نقطة فاصلة في المشهد السياسي اللبناني، إذ لم يمر مرور الكرام على القوى السياسية المختلفة التي تتباين مواقفها بين دعم حازم، تحفظ متأمل، ومعارضة شديدة، مما يعكس التوترات والصراعات العميقة داخل بنية الدولة اللبنانية.

 

1. الحكومة الرسمية و التيار المركزي:
الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، تأخذ موقفاً واضحاً وصريحاً يدعم سيادة الدولة ويطالب بحصر السلاح تحت سلطة المؤسسات الرسمية وحدها.

 

هذه الخطوة تعتبر محاولة لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها الأمنية بعد عقود من الفوضى وغياب الدولة الفعلية على الأرض، مع التركيز على تعزيز السلم الأهلي واستعادة النظام. الحكومة تؤكد أن هذا القرار يأتي ضمن خطة شاملة لمعالجة الانقسامات وتعزيز الوحدة الوطنية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، لا سيما من القوى المسلحة غير الخاضعة للسلطة.

2. حزب الله وقواه الحليفة:
يُعتبر حزب الله أبرز المعارضين لهذا القرار، حيث يرى أن حصر السلاح بيد الدولة يعني المساس بدوره كقوة مقاومة إسرائيل، ويرفض التخلي عن ترسانته العسكرية تحت مبرر حماية السيادة الوطنية.

 

الحزب يبرر سلاحه بأنه ضرورة دفاعية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستمرة، ويمارس ضغوطاً ميدانية وسياسية لمنع تطبيق القرار، عبر تنظيم احتجاجات وتحركات شعبية، فضلاً عن حملات إعلامية على منصات التواصل الاجتماعي لتشويه نوايا الحكومة. هذا الموقف يعكس الانقسام الحاد بين الدولة والقوى الموازية المسلحة، وهو ما يصعب فرض حصر السلاح بشكل عملي.

 

3. القوى السياسية الأخرى (المسيحية والسنية):
تتباين مواقف هذه القوى؛ بعض الأحزاب المسيحية والسنية تدعم القرار حكومياً، وترى فيه فرصة لإعادة الدولة إلى دورها الكامل، مع رغبة في احتواء التوتر الطائفي وتحجيم النفوذ المسلح غير الشرعي. وفي المقابل، هناك من يتخوف من أن يؤدي هذا القرار إلى توترات داخلية أو حتى صراعات مسلحة، إذا ما تمت محاولة فرضه بالقوة، خصوصاً في مناطق معينة تعتبر معاقل للفصائل المسلحة. هذا التردد يعكس حالة عدم الثقة في قدرة الدولة على فرض القانون دون إراقة دماء أو انقسام مجتمعي أكبر.

 

4. المجتمع المدني والشارع اللبناني:
يظهر في الوسط المدني دعم عام لفكرة سيادة الدولة وأهمية حصر السلاح بيدها، كشرط للاستقرار والتنمية، لكن هذه الآمال تترافق مع قلق كبير من احتمال تصاعد المواجهات أو تعميق الانقسامات. وسائل التواصل الاجتماعي تشكل منبراً للأصوات المختلفة، من مؤيدين متحمسين إلى متخوفين من أن تتحول البلاد إلى ساحة صراع مفتوح، مع مخاطر تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

 

 

الخلاف على ملف السلاح في لبنان هو تجسيد للصراع الأكبر حول هوية الدولة اللبنانية ودورها المستقبلي. قرار حصر السلاح بيد الدولة يواجه عقبات كبيرة على أرض الواقع، إذ لا يمكن تطبيقه بمعزل عن الاستقرار السياسي الداخلي والتوازنات الإقليمية. التحركات الاحتجاجية والتصريحات الحادة لمناصري حزب الله تعكس هشاشة التوافق الوطني، بينما يظل الجيش اللبناني في موقع الحارس على التوازن الدقيق.

 

لذلك، فإن نجاح أي خطة لحصر السلاح يعتمد بالأساس على بناء توافق داخلي عميق، وضمان دعم إقليمي ودولي، بالإضافة إلى تبني الحكومة إجراءات شاملة للتعامل مع التحديات الأمنية والسياسية. وإلا، فإن لبنان قد يشهد المزيد من التصعيد والتوتر الذي سيؤثر على الأمن الداخلي والسلم الأهلي، وربما يعيد البلاد إلى دائرة العنف والصراع المفتوح.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7