الجامعة العربية تصفق لجرأة بيروت بتجريد السلاح

وكالة أنباء آسيا

2025.08.09 - 08:57
Facebook Share
طباعة

في خطوة سياسية ـ أمنية غير مسبوقة منذ سنوات، وضعت الحكومة اللبنانية أصابعها في عين العاصفة، وأعلنت خطة عملية لحصر السلاح بيد الدولة، لتفاجئ الشارع المنقسم وتثير إعجاب الجامعة العربية التي لم تتردد في الترحيب واعتبار القرار «خطوة مفصلية» في مسار استعادة سيادة لبنان على كامل أراضيه.

 

فيما رحبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم السبت 9 أغسطس 2025، باعتماد الحكومة اللبنانية خطة تنفيذية واضحة لتطبيق مبدأ «السلاح بيد الدولة»، واصفة الخطوة بأنها «ضرورة سيادية لا تقبل المساومة».

وأكد الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، أن الجيش اللبناني يجب أن يُمنح كامل الصلاحيات والفترة الزمنية الكافية لتنفيذ الخطة، مشدداً على أن النجاح مرهون بتعاون جميع الأطراف السياسية والشعبية.

 

ولم يفت أبو الغيط أن يربط المسار الداخلي في لبنان بالمشهد الإقليميالأوسع، داعياً القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر الماضي، باعتباره بوابة استعادة الهدوء على الحدود الجنوبية.

 

وفي خطوة تُعدّ الأخطر على توازنات الداخل اللبناني منذ اتفاق الطائف، أعلنت الحكومة اللبنانية اعتماد خطة عملية لحصر السلاح بيد الدولة، ما فجّر سلسلة ردود فعل غاضبة، أبرزها قطع الطرق وإشعال التوتر في الضاحية الجنوبية والبقاع من قبل أنصار حزب الله، فيما رحبت الجامعة العربية بالخطوة معتبرة إياها "مساراً لاستعادة السيادة".

 

الخطة الحكومية، التي جاءت بتكليف رسمي للجيش بوضع آليات تنفيذية خلال أسابيع، تستهدف ضبط السلاح غير الشرعي وتفكيك أي تشكيلات مسلحة خارج مؤسسات الدولة. ووفق مصادر حكومية، فإن الأولوية ستمنح للمناطق التي تشهد نشاطاً أمنياً متكرراً، مع التأكيد على أن التنفيذ سيتم "تدريجياً ودون صدام مفتوح".

 

أنصار حزب الله سارعوا إلى إغلاق طرق رئيسية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي البقاع، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"استهداف المقاومة وسلاحها". فيما أكد الحزب في بيان مقتضب أن "سلاح المقاومة خط أحمر ولن يخضع للمساومات".


في المقابل، دعمت قوى سياسية أبرزها "القوات اللبنانية" و"الكتائب" القرار، معتبرة أنه فرصة لإنهاء حالة "ازدواجية السلاح".

 

ملف السلاح خارج سلطة الدولة يُعد من أعقد القضايا في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية، إذ نص اتفاق الطائف عام 1989 على حصر السلاح بيد الجيش وقوى الأمن، لكن الواقع السياسي والأمني أفرز استثناءً لسلاح حزب الله تحت شعار "المقاومة" ضد الاحتلال الإسرائيلي.

 

شهد الملف محاولات متكررة للمعالجة، أبرزها "الحوار الوطني" عام 2006، إلا أن حرب تموز وما تلاها من أزمات جمّدت أي خطوات عملية، ليبقى السلاح أحد أعمدة النفوذ السياسي والعسكري للحزب.

 

القرار الحكومي الحالي يفتح باباً على مرحلة سياسية حساسة، فبين مسار الدولة لاستعادة سيادتها الكاملة، ورفض حزب الله التخلي عن سلاحه، يبقى المشهد اللبناني مرشحاً لمزيد من التوتر وربما المواجهة، ما لم تنجح الوساطات الداخلية والعربية في صياغة معادلة تحفظ الأمن وتعيد للدولة قرارها.

 


وتعود جذور أزمة السلاح في لبنان إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين برز حزب الله عام 1982 في سياق الاجتياح الإسرائيلي للبنان، متبنياً خط المقاومة المسلحة. ومع توقيع اتفاق الطائف عام 1990، حُلّت معظم الميليشيات اللبنانية، لكن الحزب احتفظ بسلاحه تحت مبرر "مقاومة الاحتلال الإسرائيلي".

 

في عام 2000، ومع انسحاب إسرائيل من الجنوب، تصاعدت التساؤلات الداخلية حول مبررات استمرار هذا السلاح، لكن حرب تموز 2006 عززت موقف الحزب كمكوّن عسكري قوي، وكرّست توازن ردع مع إسرائيل. غير أن أحداث 7 أيار 2008، حين سيطر الحزب عسكرياً على بيروت إثر خلافات سياسية، حوّلت السلاح إلى أداة صراع داخلي وأثارت مخاوف جدية بشأن هيبة الدولة.

 

منذ 2011، اتسع الدور العسكري للحزب خارج حدود لبنان مع مشاركته في الحرب السورية، ما عمّق الانقسام الداخلي بين من يرى في السلاح ضمانة استراتيجية، ومن يعتبره تهديداً لسيادة الدولة. ومع اندلاع احتجاجات 2019، ارتفعت المطالب الشعبية بحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، وصولاً إلى عام 2025، حيث اتخذت الحكومة خطوة جريئة بإعلان خطة لضبط السلاح خارج سلطة الدولة، ما فجّر ردود فعل غاضبة من أنصار الحزب، وأعاد الملف إلى واجهة المشهد السياسي والأمني في البلاد.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10