الجيش اللبناني وحزب الله: تحديات استعادة الدولة

بيروت- وكالة أنباء آسيا

2025.08.09 - 08:43
Facebook Share
طباعة

في مشهد يصبّ الزيت على نار لبنان الداخلية، حكومة بيروت تفوّض الجيش لوضع خطة تضييق الخناق على السلاح خارج سلطة الدولة، ما دفع أنصار حزب الله إلى قطع طرق رئيسية في الضاحية والبقاع، والجيش يردّ باعتقالات وخطوات احتواء متشددة. هذه خطوة تفكّر ما إذا كانت الدولة قادرة فعلاً على استعادة سيادتها، أو إذا كانت لعبة سياسية تتجه نحو انفجار داخلي.

 

تحوّل دراماتيكي: من الجلسة إلى الشارع

جلسة مجلس الوزراء انتهت بانسحاب وزراء شيعة، مؤشر واضح على أن حزب الله قرأ القرار كـ"هدية سياسية" للاحتقان.

تحركات الاحتجاج امتدت إلى قطع طرقات في الضاحية الجنوبية، وسط انتشار مسلحين على دراجات. الجيش ردّ باعتقالات وعصا حديدية في مراكز الاحتجاج، لاحقًا نُقل المعتقلون إلى مراكز تحقيق عسكرية. المشهد بدا وكأنه ما قبل ساعة صفر الامتداد، إن لم يعد هناك ضوء أخضر للحوار.

 

المشاركون في الاحتجاجات نظموا تحركات شملت قطع طرق وضرب خطوط النقل بالحراك الشعبي، والجيش تصدّى فوراً، نفّذ عمليات اعتقال فورية لعناصر وصفها بـ”منظّمي المشهد الميداني” وحوّلتهم إلى التحقيق العسكري.

أين يتجه سلاح حزب الله؟

ملف حزب الله المسلّح هو حجر الزاوية في صراع داخلي-إقليمي: ما بين ضغوط غربية لربط نزع السلاح بتهدئة مع إسرائيل، وبين تمسك الحزب بسلاحه كجزء من معادلة الردع.

 

التحركات الدولية، خصوصاً الأميركية، قدمت خطة “تسلسل منسق” لنزع السلاح مقابل انسحاب إسرائيلي، في حين يرى حزب الله أن المسألة لا تُحلّ بفرض الأمر الواقع، بل بوجود ضمانات واضحة، وإلا فهو متمسّك بـ"الموت قبل التسليم".

 

الجيش في مشهد محكوم بين طرفين

الجيش اللبناني يُحاط بمهمة صعبة: تنفيذ خطة رسسلاح حزب الله والضغط الإقليميمية وسط معضلة سياسية، وفي بلد بُنية مؤسساتية مهترئة، ظهوره الميداني بحكْم على الطرقات لا يقلّ عن محاولة لضمان استقرار هش، لكن أي خطأ قد يؤدي لتسرب المواجهات إلى ما هو أبعد من قطع الطرقات المعتاد، خصوصاً في مناطق توزّع قواعد الحزب.

 

المشهد السياسي اللبناني يواجه انهيار المؤسسات، أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وفقدان الثقة بين مكونات المجتمع. في هذا السياق، تمثل خطة نزع السلاح اختبارًا لمدى قدرة الدولة على فرض سلطتها، أو هل ستنبثق مواجهة امتحاناً جديداً للبنان؟

 

سلاح حزب الله والضغط الإقليمي

سلاح حزب الله لم يُولد بالأمس، بنى منظمته العسكرية على مدار عقود بإمدادات إيرانية وسورية، بين صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وطائرات بدون طيار، وشبكة اتصالات استخباراتية، الحزب يرى سلاحه رادعًا مهمًا ضد التهديد الإسرائيلي، وهو مطلب شعبي في بعض المناطق التي تعرّضت لغارات إسرائيلية متكررة.

 

التهديدات الإسرائيلية على الجنوب ليست خيالًا؛ فالجنوب تعرض في السنوات الأخيرة لعمليات تفتيش واستهداف مستمر، بما جعل سلاح حزب الله بالنسبة لجموع من السكان أداة دفاعية جسدها محور المقاومة.

 

مهمة إنقاذ أو مواجهة؟

الجيش اللبناني حالياً مُكلف بتنفيذ قرار سياسي صعب في بيئة أمنية واجتماعية متفجّرة. انتشار القوات في الضاحية والجبل والطرق الرئيسية تبعه اعتقالات، في محاولة لاحتواء الوضع. لكن أي احتكاك صغير قد يتسع إلى مواجهة أكثر خطورة، خصوصًا إذا رُآه بأنه تهديد فعلي لـ"خط الدفاع الأول" في الجنوب.

 

لماذا هذا القرار الآن؟

قرار نزع السلاح هو عقدة لتشبيك لبنان بمقترحات دولية تستهدف استقرار الأوضاع الحدودية، وربط القفل الداخلي بنزع السلاح بآليات تهدئة إسرائيلية. فالحزب مصرّ على شروطه (انسحاب مقابل خطوات تدريجية)، والحكومة تريده نصاً تنفيذياً. هل تُدار الأزمة بالسياسة؟ أم أن الاشتباك هو من سيُقرّر المصير؟ البلاد على مفترق حاسم بين الانهيار أو إعادة رسم السلطة.

 

منظومة سلاح حزب الله

ترسانة كبيرة: تقديرات سابقة (قبل الحرب) ذكرت أن لدى الحزب عشرات الآلاف من الصواريخ والذخائر بدرجات متفاوتة — تقديرات استخباراتية عديدة تحدثت عن مجموعات صاروخية كبيرة (أرقام مهملة تختلف بين مصادر استخباراتية وتحليلية). حزب الله نفسه يعتبر سلاحه «ردعاً» ضد التهديدات الإسرائيلية.

 

شبكات إمداد وتوطين: سنوات من وجود ممرّات إقليمية (سوريا بشكل أساسي) سمحت بتدفق ذخائر وتطوير قدرات صاروخية وطائرات بدون طيار؛ تراجع هذه الخطوط بعد تغيّر المعادلات الإقليمية أعطى دفعة للمطالبات بنزع السلاح من منظور أمني ودولي.

 

مواقف الأطراف الرسمية والسياسية

الحكومة ورئيس الوزراء: يؤكدان سعيهما لاستعادة «هيبة الدولة» وضرورة أن تكون المؤسسات الأمنية صاحبة الاحتكار الوحيد للسلاح. هذا التوجّه قُدِم كخطوة لتهيئة أرضية لانسحاب إسرائيلي وتهدئة حدودية.

حزب الله وكتل شيعية: رفض قاطع للشروط التي تسبق انسحاب إسرائيلي؛ وصف القرار بـ«الخطيئة» وقطعاً عن أي اعتراف عملي به مع استمرار الموقف بأنه لا يمكن نزع السلاح طالما التهديد الإسرائيلي قائماً.

الجيش اللبناني: أُحيلت إليه مهمة صعبة: إعداد خطة عملية في بلدٍ فيه انقسام سياسي وقيود لوجستية وتفاوت في القدرات العسكرية، ويبدو أنه يتصرف بحذر لتفادي مواجهة مباشرة مع قواعد شعبية مسلحة.

الفاعلون الدوليون: الولايات المتحدة قدمت مقترحاً متكاملاً (أُحيل إلى مجلس الوزراء) يربط مراحل نزع السلاح بآليات ضمان دولية واقتصادية. مصادر غربية ترى أن هذا المسار قد يمنع تجدد الأعمال العدائية لكنه يتطلب التزاماً لبنانياً ودولياً.

 

سيناريوهات محتملة وخطوط الاشتباك

السيناريو الأول — الوساطة والتسوية (الأكثر احتمالاً): وساطة إقليمية ودولية تُحفظ ماء الوجه لكل الأطراف؛ تسلسل تنفيذي متدرّج (انسحاب إسرائيلي مقابل خطوات لبنانية ولو جزئية لحدّ التأثير العملي لسلاح حزب الله)، مقترنة بحزمة إعادة إعمار واقتصاد مدعوم دولياً. هذا المسار يتطلب ضمانات مُلزمة ورافعات رقابية دولية.

 

السيناريو الثاني — تشدّد سياسي واحتكاكات شوارع: تطبيق قسري أو خطوات اعتبارية من الحكومة تؤدي إلى تحرك شعبي واسع في الجنوب والضاحية، واشتباكات موضعية مع قوات الأمن؛ نتائجها مزيد من الزعزعة الاقتصادية واستدعاء قوى إقليمية إلى بؤر التأثير.

 

السيناريو الثالث — تصعيد عسكري حدودي: تفجير لإجراءات الداخل يؤدي إلى ردود فعل على الحدود مع إسرائيل، ومع اشتداد المواجهة قد تتسع الجبهة لتدخلات جوية أو برية، وهو سيناريو كارثي للبنى المدنية في لبنان. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3