وكالة أنباء آسيا
في خضم الانهيار الإنساني غير المسبوق الذي يشهده قطاع غزة، كشفت الولايات المتحدة عن خطة جديدة لتوسيع شبكة مراكز توزيع المساعدات في القطاع المحاصر، في خطوة مثيرة للجدل، تعكس توجهاً أمريكياً لتكثيف التدخل المباشر في ملف الإغاثة، بمعزل عن مؤسسات الأمم المتحدة.
السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أعلن خلال مقابلة تلفزيونية أن مبادرة "مؤسسة غزة الإنسانية"، المدعومة من واشنطن، ستشهد توسعاً كبيراً خلال الأيام المقبلة، إذ سترتفع المواقع الميدانية التابعة لها من 4 إلى 16 مركزاً، وستعمل جميعها على مدار الساعة.
هذه الخطوة تأتي في وقت تحذر فيه منظمات الإغاثة من وصول القطاع إلى مرحلة الجوع الجماعي، إذ كشف برنامج الغذاء العالمي أن ثلث سكان غزة لا يحصلون على الطعام لأيام متتالية، في حين تتحدث تقارير طبية محلية عن وفيات وإصابات متكررة بين المدنيين بالقرب من مراكز المساعدات، جراء التدافع أو إطلاق النار الإسرائيلي.
الجيش الإسرائيلي، الذي ينشر قواته قرب مراكز التوزيع، قال إن جنوده أطلقوا "طلقات تحذيرية" نحو الحشود، مشيراً إلى فتح تحقيقات في بعض الحوادث، وهو ما لم يُقنع الجهات الحقوقية المحلية والدولية التي توثق سقوط مئات القتلى والمصابين منذ مايو/أيار الماضي.
في خضم هذا الجدل، تؤكد واشنطن أن النموذج الجديد في توزيع المساعدات يهدف لإبعاد حماس عن المشهد، وضمان وصول الإغاثة مباشرة إلى المدنيين، وفق تصريحات هاكابي، الذي شدد على أن الرئيس الأمريكي "يريد إيصال الغذاء للجياع دون أن يقع في أيدي حماس".
هذا الطرح لا يلقى قبولاً لدى الأمم المتحدة، التي انتقدت طريقة عمل المؤسسة الأمريكية، ووصفتها بأنها لا تراعي المعايير الأساسية للعمل الإنساني، محذرة من أن المراكز القائمة "غير كافية" و"تفتقر إلى الأمان".
ورغم الانتقادات، تستمر الإدارة الأمريكية في دعم "مؤسسة غزة الإنسانية"، حيث أقرت وزارة الخارجية تخصيص 30 مليون دولار إضافية لها في يونيو/حزيران، ويأتي هذا الدعم في وقت تلتزم فيه المؤسسة الصمت إزاء الأسئلة المتكررة من وسائل الإعلام حول خططها المستقبلية.
في المقابل، يواصل البيت الأبيض الحديث عن "توسعات وشيكة"، دون تقديم أي توضيحات حول طبيعة الدور الأمريكي المباشر في إدارة هذه النقاط داخل منطقة نزاع، وسط تعقيدات أمنية ومخاوف قانونية متزايدة.
يُذكر أن إسرائيل فرضت في مارس/آذار الماضي حصاراً كاملاً على إدخال المساعدات إلى غزة في محاولة للضغط على حماس خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، وقد أدى ذلك إلى تفاقم المجاعة وشح الموارد، فيما اتهمت تل أبيب الحركة بالاستيلاء على الإغاثة، وهو ما تنفيه الأخيرة باستمرار.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تتجه الولايات المتحدة إلى تثبيت حضورها الميداني داخل غزة عبر بوابة الإغاثة، لكن بأسلوب يثير حفيظة جهات إنسانية ترى في "مؤسسة غزة الإنسانية" أداة سياسية أكثر منها مبادرة إغاثية خالصة.