شهدت منطقة تل أبيض شمالي الرقة فجر اليوم حادثة إنسانية مؤثرة، حيث تم إنقاذ الطفل علي عبدي، البالغ من العمر أربع سنوات، بعد سقوطه في بئر ماء بعمق 50 متراً، واحتجازه داخله لما يقارب 16 ساعة متواصلة، في مشهد استنفر الأهالي، وأشعل مشاعر التضامن على الأرض وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
سقوط مفاجئ واستنفار فوري
بدأت القصة في قرية كورمازة بريف تل أبيض، عندما كان الطفل علي برفقة والده في زيارة عائلية، قبل أن يسقط بشكل مفاجئ داخل بئر ضيق وعميق، ما أثار حالة من الذعر وسط ذويه وسكان القرية.
عقب الحادثة، أُطلقت مناشدات عاجلة لإنقاذ الطفل، وسط غياب معدات متخصصة لدى الفرق المحلية، ما دفع جهات عدة إلى التدخل السريع لإرسال فرق إنقاذ مجهزة ومدرّبة، للمساهمة في انتشاله.
عملية إنقاذ شاقة
عملية الإنقاذ كانت معقّدة، بسبب ضيق فتحة البئر وعمقها الكبير، ما اضطر فرق الإنقاذ للعمل بحذر شديد لتفادي أي انهيارات أو مضاعفات تهدد حياة الطفل. ورغم الظلام والبرد، بقي المنقذون إلى جانب البئر لساعات، مدعومين بمعدات الحفر والإنارة، في محاولة حثيثة للوصول إلى الطفل دون المساس بحالته الجسدية أو النفسية.
واستطاعت الفرق خلال ساعات الليل التواصل مع الطفل المحاصر في قاع البئر، وتزويده بالماء وبعض المواد الغذائية، في محاولة لإبقائه بحالة من التوازن والصمود حتى لحظة إخراجه.
تضامن شعبي واسع
القرية تحولت إلى خلية نحل، حيث توافد العشرات من أهالي المنطقة، نساءً ورجالاً، للمساعدة بأي شكل ممكن، سواء عبر تقديم الطعام للفرق، أو توفير الدعم المعنوي لعائلة الطفل، أو المشاركة في أعمال الحفر والتجهيز. كما اشتعلت مواقع التواصل بالمناشدات والدعوات، وتحولت قصة الطفل علي إلى قضية رأي عام إنساني، جذبت أنظار السوريين خارج وداخل البلاد.
لحظة الفرح
ومع حلول االصباح، نجحت الفرق أخيراً في سحب الطفل من البئر، وسط تصفيق وصيحات فرح من المتجمّعين، الذين تابعوا لحظة إنقاذه بأنفاس محبوسة. وبدت علامات التعب والإرهاق واضحة على الطفل، لكنه كان واعياً ويتمتع بحالة مستقرة، قبل نقله إلى المستشفى للاطمئنان على وضعه الصحي.
معجزة حقيقية
قصة علي عبدي أعادت إلى الأذهان قصصاً مشابهة شهدها العالم خلال السنوات الماضية، حيث يكون الأمل ضعيفاً، لكن العزيمة والتكاتف الشعبي يصنعان المستحيل. الطفل خرج من البئر، لكنه دخل القلوب، وأثبت أن الحياة قد تمنح فرصة ثانية، مهما بدا الظلام عميقاً.