دخل قانون الإيجار القديم الجديد حيز التنفيذ في مصر رسميًا، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه، وبدء تطبيقه في 5 أغسطس الجاري، ما يفتح بابًا واسعًا لنقاش مجتمعي متجدد حول مستقبل العلاقة بين المالك والمستأجر، والمصير السكني لنحو 1.6 مليون أسرة.
القانون رقم 164 لسنة 2025، الذي أثار جدلاً استمر لأشهر داخل مجلس النواب، ينص على تحرير العلاقة الإيجارية في الوحدات السكنية خلال 7 سنوات، وللمحال التجارية خلال 5 سنوات، في خطوة يُنظر إليها باعتبارها محاولة لإعادة التوازن إلى سوق الإيجارات، بعد عقود من التجميد شبه الكامل للقيمة الإيجارية.
تنفيذ فوري وتعهدات حكومية:
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي شدد خلال اجتماع الحكومة على أهمية البدء الفوري في تنفيذ القانون، مؤكداً التزام الدولة بتوفير سكن بديل للمستأجرين المتضررين، وعدم ترك أي أسرة تواجه المصير وحدها، خاصة في ظل محدودية الدخول وصعوبة تدبير سكن بديل في السوق الحرة.
وأضاف مدبولي أن تعهدات الحكومة ليست آنية أو مرتبطة بعمرها السياسي، بل التزام مؤسسي ستعمل عليه جميع الحكومات المقبلة، وهو ما أكد عليه أيضاً الرئيس السيسي في خطاباته الأخيرة، مشيراً إلى أن الدولة التي رفضت العشوائيات لن تسمح بانعدام الأمان السكني.
خطة تنفيذية وتحديد المعايير:
وزارة الإسكان تبدأ في إعداد منصة إلكترونية لتلقي طلبات المتضررين، وتخصيص وحدات بديلة وفق معايير جديدة، تختلف عن شروط الإسكان الاجتماعي التقليدي، ولا ترتبط بالسن أو الدخل، كما صرّح وزير الشؤون النيابية محمود فوزي.
ومن المتوقع أن تصدر خلال أيام قرارات بتشكيل لجان لتقسيم المناطق السكنية حسب مستوياتها (متميزة، متوسطة، اقتصادية)، لوضع زيادات تدريجية في الإيجارات، تبدأ من 10 أضعاف وتصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية، وفق تصنيف كل منطقة.
أدوار متعددة وتحديات قائمة:
بالإضافة إلى وزارة الإسكان، تتحمل وزارة التنمية المحلية مسؤولية التنسيق مع المحافظين لتنفيذ القرار على الأرض، عبر لجان يُنتظر أن تضم مطورين عقاريين وخبراء معماريين وممثلين محليين.
بينما ستقوم وزارات أخرى مثل الأوقاف والسياحة بحصر الوحدات المؤجرة المملوكة لها، واتخاذ خطوات لاسترداد غير المستخدمة منها.
ردود فعل الملاك والمستأجرين:
رئيس ائتلاف ملاك الإيجار القديم مصطفى عبد الرحمن، أشار إلى أن أولى خطوات التطبيق تبدأ بتحصيل إيجار رمزي بقيمة 250 جنيهًا بداية من سبتمبر، في حين يبدأ الملاك في اتخاذ إجراءات لاسترداد الشقق المغلقة.
لكن التحديات المرتبطة بوحدات مغلقة وعقود ممتدة منذ عقود، قد تعرقل التطبيق الكامل للقانون، خصوصاً في المناطق التي يسكنها كبار السن أو الأسر الفقيرة. أستاذ الإدارة المحلية حمدي عرفة دعا إلى تسويات ودية بين الملاك والمستأجرين، لتفادي نزاعات قضائية.
يمثل قانون الإيجار القديم لحظة فاصلة في إصلاح ملف سكني ظل مؤجلاً لعقود.
التنفيذ مرهون بمدى قدرة الحكومة على توفير البدائل المناسبة، واستيعاب الفئات المتضررة. وبينما يرى البعض في القانون خطوة إصلاحية، يخشى آخرون أن يؤثر على الاستقرار المجتمعي إذا لم تُرافقه آليات حماية فعالة.