عاد ملف بيئة عمل الأطباء الشبان داخل المستشفيات الجامعية في مصر إلى الواجهة، بعد استقالة جماعية لعدد من نواب قسم النساء والتوليد بمستشفى جامعة طنطا، على خلفية شكاوى تتعلق بضغط العمل وظروف التدريب.
الواقعة بدأت بمنشور للطبيبة رنين جبر، أوضحت فيه أنها وزملاءها عانوا من نوبات عمل متواصلة تجاوزت 72 ساعة، إلى جانب حرمان من الإجازات المرضية، وتكليفهم بمهام غير طبية. وأشارت إلى أن بيئة العمل لم تكن مناسبة من الناحية المهنية أو النفسية، رغم الالتزام والتفوق في الأداء، حسب تعبيرها.
وبحسب ما تم تداوله، بلغ عدد المستقيلين من القسم ذاته خلال أقل من عام 8 أطباء من أصل 15، وهي نسبة اعتبرها متابعون مرتفعة وتعكس خللًا في بيئة التدريب داخل المنشآت الجامعية.
ردود فعل نقابية ورسمية:
نقابة الأطباء المصرية أكدت متابعتها للواقعة. وقال خالد أمين، الأمين العام المساعد للنقابة، إن المؤسسة تواصلت مع الطبيبة وزملائها، وتسعى لدعمهم قانونيًا ومهنيًا، إلى جانب مخاطبة جامعة طنطا بشأن ما ورد من شهادات.
أمين أشار إلى أن الوظائف الجامعية التي كانت تمثل خيارًا مفضلًا للأطباء حديثي التخرج، تشهد حاليًا عزوفًا ملحوظًا، بسبب تراجع بيئة العمل، وضعف الأجور، وتعقيدات الدراسات العليا. وأضاف أن هذا الوضع يتطلب مراجعة شاملة لضمان استقرار العنصر البشري في المؤسسات الصحية.
في المقابل، أعلنت إدارة جامعة طنطا عقد اجتماع عاجل برئاسة عميد كلية الطب الدكتور أحمد غنيم، وبمشاركة مسؤولي قسم النساء والتوليد، لبحث أبعاد الواقعة والاستماع إلى مختلف الأطراف.
وأكد غنيم أن الجامعة حريصة على ضمان استمرارية العمل مع توفير بيئة مناسبة للأطباء.
إجراءات حكومية سابقة:
الاستقالات تأتي بعد نحو عام من إعلان الحكومة المصرية حزمة من الإجراءات لتحسين أوضاع الأطباء، شملت تخصيص 4.5 مليار جنيه لزيادات مالية، ورفع بدلات السهر والمبيت، وتشريعات لتوفير الحماية القانونية للطواقم الطبية.
لكن تكرار حالات الاستقالة من المستشفيات الجامعية يثير تساؤلات حول مدى تطبيق هذه الإصلاحات على مستوى الأقسام والتدريب العملي، خاصةً في التخصصات الحرجة.
في ظل تواتر شكاوى مشابهة من مستشفيات جامعية أخرى، تبدو واقعة طنطا جزءًا من إشكالية أوسع تتعلق بإدارة برامج التدريب الطبي، وتوزيع المهام، وآليات الإشراف، ومراعاة الجوانب النفسية والمهنية للطبيب الشاب.
ورغم تحركات النقابة والجامعة، تبقى الحاجة قائمة لمراجعة الهيكل الإداري والتشغيلي داخل المستشفيات التعليمية، وربط برامج التدريب بآليات تقييم ومساءلة واضحة، تضمن الحد الأدنى من الحقوق، دون الإضرار بالخدمة الصحية المقدمة للمرضى.