كتبت- أماني إبراهيم
في ذكرى مرور 80 عامًا على واحدة من أفظع الجرائم في تاريخ البشرية، فجّر أحد الناجين من القنبلة النووية الأمريكية على هيروشيما مفاجأة مدوية، حين كشف أن اليابان نفسها كانت تعمل على تطوير قنبلة ذرية خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها فشلت في إتمام مشروعها بسبب نقص اليورانيوم.
فومياكي كاجي، الذي نجا من جحيم الانفجار الذي دمر المدينة في السادس من أغسطس عام 1945، تحدث إلى وكالة "نوفوستي" الروسية، مؤكدًا أن علماء يابانيين، من بينهم الفيزيائي هيديكي يوكاوا – الحائز لاحقًا على جائزة نوبل – شاركوا في جهود تطوير السلاح النووي، بمساعدة معهد الأبحاث الفيزيائية والكيميائية "RIKEN".
وقال كاجي إن اليابان لم تكن متخلفة علميًا عن الولايات المتحدة، لكنها افتقرت إلى المواد الأساسية لإنتاج السلاح، خصوصًا اليورانيوم، وحاولت استيراده من ألمانيا عبر غواصة، إلا أن الشحنة دُمرت في الطريق.
وأضاف: "حتى لو نجحوا في الحصول على اليورانيوم، لكان من الصعب إسقاط القنبلة على الأراضي الأمريكية. شخصيًا، التقيت بجنود أمريكيين فيما بعد، وتحدثنا عن بناء مستقبل سلمي. أما الجدال حول الماضي، فلن يورثنا إلا العداء."
هيروشيما تحيي الذكرى وسط رماد الذاكرة
اليوم، تقع "حديقة السلام" على موقع الانفجار النووي الأول في التاريخ. هناك، حيث تفحمت عشرات آلاف الجثث، أُقيم قبر جماعي على هيئة تلة تعلوها باغودة بوذية، يضم رفات 70 ألف ضحية مجهولة، كُتب على نصبه التذكاري: "ارقدوا بسلام، هذا الخطأ لن يتكرر."
وتتواصل مراسم السلام السنوية في هيروشيما وناغازاكي، حيث سقطت القنبلة الثانية بعد ثلاثة أيام فقط، في التاسع من أغسطس. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 140 ألف شخص قُتلوا في هيروشيما، و74 ألفًا آخرين في ناغازاكي، غالبيتهم الساحقة من المدنيين.
متحف الذاكرة: وثائق، أشلاء، وصوت الحقيقة
في قلب الموقع، يقف "متحف السلام التذكاري"، وهو أحد أبرز الشواهد الحية على المأساة. يضم المتحف مقتنيات محروقة، شهادات حية، ووثائق تكشف فظاعة الهجوم، إلى جانب أدلة صوتية بعدة لغات، بينها لغات الدول النووية الكبرى، لتذكير الزوار بأن الرعب لا وطن له.
ورغم مرور ثمانية عقود على الجريمة، لا تزال اليابان حتى اليوم تواجه ماضيها النووي بقدر كبير من الصمت الرسمي، وسط دعوات مستمرة لنزع السلاح النووي عالميًا، وتكريس السلام كبديل وحيد عن الفناء.