تقرير| أماني إبراهيم
في إعلان طال انتظاره، كشف رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، أن الأول من نوفمبر 2025 سيكون الموعد الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير، المشروع الأضخم في تاريخ المتاحف المصرية الحديثة، والمُلقّب بـ"أيقونة الحضارة المصرية القديمة".
وخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة، وجّه مدبولي كافة الوزارات والهيئات بالاستمرار في استكمال الترتيبات النهائية المتعلقة بالحدث، بما يشمل النواحي الفنية والتنظيمية للمتحف والمنطقة المحيطة به، في إطار الاستعداد لاستقبال وفود دولية وشخصيات رسمية بارزة من مختلف أنحاء العالم.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحدث سيكون محاطًا بفعاليات ثقافية وسياحية كبرى، بما يعكس صورة مصر كوجهة حضارية ضاربة في الجذور، ومركز إشعاع ثقافي وسياحي على المستويين الإقليمي والدولي.
كان من المقرر افتتاح المتحف في 3 يوليو الماضي، بناءً على موافقة سابقة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلا أن الحكومة أعلنت لاحقًا تأجيل الافتتاح إلى الربع الأخير من العام، "نظرًا للظروف الإقليمية المتغيرة"، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة السياحة والآثار.
البيان أوضح أن قرار الإرجاء جاء انطلاقًا من مسؤولية الدولة المصرية في تقديم احتفالية عالمية تليق بالحضارة المصرية، وتتيح مشاركة دولية واسعة لا تتأثر بسياقات إقليمية قد تُضعف من زخم الحدث إعلاميًا وسياحيًا.
وفي الوقت ذاته، واصل المتحف استقبال الزائرين في إطار "الافتتاح التجريبي"، الذي بدأ في ديسمبر 2022 وشمل مناطق جزئية من المعرض، بينما بقيت القاعات الكبرى والواجهات الرئيسية قيد التحضير استعدادًا للافتتاح الكامل.
يُعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون المعروضة لأول مرة بالكامل.
بدأت فكرة المشروع مطلع الألفية، وتحديدًا عام 2002، لكن التنفيذ تعرقل لسنوات بسبب عوامل تمويلية وبيروقراطية، قبل أن يشهد دفعة قوية في عهد الرئيس السيسي، ضمن حزمة مشروعات لإعادة إحياء الهوية الحضارية المصرية وتعزيز قوتها الناعمة.
المتحف، الذي يقع بالقرب من أهرامات الجيزة، يُنتظر أن يُصبح وجهة سياحية رئيسية تربط الماضي بالحاضر، ويشكل مركزًا عالميًا للبحوث والترميم والتعليم المتحفي.
من خلال افتتاح المتحف المصري الكبير، تسعى مصر لتوجيه رسالة واضحة: الاستثمار في الثقافة هو استثمار في المستقبل. وبينما تتعافى السياحة العالمية تدريجيًا من آثار الأزمات، يراهن المسؤولون على أن المتحف سيكون نقطة تحول محورية في رسم خريطة جديدة للسياحة الثقافية في البلاد.
كما يعكس المشروع إصرار الدولة على تقديم صورة مغايرة عن مصر، تتجاوز الصورة النمطية المرتبطة بالأزمات السياسية والاقتصادية، وتعيد تسليط الضوء على جوهرها الحقيقي: حضارة ممتدة عبر آلاف السنين، وأمة تصنع مستقبلها بيدها.
ويضم المتحف المصري الكبير أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تتوزع على قاعات عرض ضخمة تعكس تطور الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصرين اليوناني والروماني. تتصدر المجموعة الكاملة للفرعون الشاب "توت عنخ آمون" واجهة المتحف، وتُعرض لأول مرة بكامل مقتنياتها التي تتجاوز خمسة آلاف قطعة.
كما يضم المتحف تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني، ومجموعات نادرة من المومياوات الملكية، وكنوزًا فنية من الدولة القديمة والوسطى والحديثة، إلى جانب قاعات تفاعلية ومراكز للترميم والبحث، ما يجعل منه تجربة متحفية غير مسبوقة في قلب العالم القديم.