مجزرة مساعدات جديدة في غزة تكشف فوضى التجويع

انقلاب شاحنة مساعدات يودي بحياة 20 فلسطينياً وسط فوضى مفتعلة

2025.08.06 - 10:41
Facebook Share
طباعة


كتبت- أماني إبراهيم

 

في مشهد يعكس عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، استشهد فجر الأربعاء ما لا يقل عن 20 فلسطينيًا، وأصيب العشرات، جراء انقلاب شاحنة مساعدات غذائية في مدينة خان يونس، بينما كانوا يحاولون الوصول إلى ما يسد رمقهم وسط ظروف توصف بأنها "جحيم يومي" من الجوع والفوضى والموت.

 

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة حمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الحادثة، مؤكدًا أن الشاحنة أجبرت على سلوك طريق غير آمن سبق أن تعرّض للقصف ولم يُرمم، ما أدى لانقلابها وسط حشد من المدنيين الجائعين، وقال البيان: "هذا ليس حادثًا عارضًا، بل امتداد لسياسة هندسة التجويع والفوضى المقصودة، حيث يتم الزج بالمدنيين في مناطق الخطر عمدًا".

وأشار المكتب إلى أن جيش الاحتلال يتعمد منع تأمين الطرق وتوجيه الشاحنات نحو مناطق مكتظة بالسكان، في مشهد يتكرر منذ شهور، ما يؤدي مرارًا إلى صدامات مميتة بين المدنيين على أبواب الشاحنات، أو استهدافهم خلال انتظارهم.

 

صمت رسمي إسرائيلي ومطالبات دولية

 لم تُصدر الحكومة الإسرائيلية أي تعليق رسمي على الحادثة أو الاتهامات الفلسطينية، لكن أصواتًا داخل المؤسسات الأممية بدأت ترتفع، إذ دعا مسؤولون أمميون مساء الثلاثاء إلى تفكيك ما وصفوها بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، متهمين إياها بتوظيف المساعدات الإنسانية في "أجندات عسكرية وجيوسياسية خفيّة".

 

البيان الأممي أشار بوضوح إلى تورط استخبارات إسرائيلية ومتعاقدين أمريكيين في توزيع المساعدات بطرق "غير شفافة"، داعيًا إلى إشراف دولي مباشر تحت رعاية الأمم المتحدة على كل ما يدخل القطاع من غذاء ودواء.

 

إسرائيل نحو احتلال شامل لغزة؟

سياسيًا، تزامن الحادث مع تطور لافت في تل أبيب، حيث كشفت مصادر إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مساء الثلاثاء "نقاشًا أمنيًا مصغرًا" استمر ثلاث ساعات مع قادة المؤسسة العسكرية والأمنية لبحث خيار "الاحتلال الكامل" للقطاع.

 

ووفقًا للقناة 12 العبرية، فإن نتنياهو يميل إلى خيار إعادة السيطرة المباشرة على كامل غزة، وهو ما لاقى تحذيرات من كبار القادة العسكريين وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير، الذي أبلغ رئيس الوزراء بأن العملية قد تهدد حياة الرهائن المحتجزين لدى حماس وتدفع الأوضاع إلى "مجهول أمني خطير".

 

لكن الأصوات المتشددة داخل الحكومة، وعلى رأسها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، طالبت الجيش بالانصياع لقرار الحكومة مهما كلف الأمر، وهو ما يعكس تصدعًا داخليًا في أروقة القيادة الإسرائيلية بشأن جدوى التصعيد العسكري.

 

ترامب يتملص

على الطرف المقابل، رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإفصاح عن موقف واضح إزاء مخطط الاحتلال الإسرائيلي الكامل لغزة، مكتفيًا بالقول إن "القرار لإسرائيل، وتركيزنا الآن على إيصال المساعدات"، وهو تصريح رأى فيه مراقبون ضوءًا أخضر مبطنًا لتوسيع العمليات، أو على الأقل، تبرؤًا مسبقًا من تبعاتها الإنسانية والسياسية.

 

 

تأتي هذه التطورات في وقت تؤكد فيه تقارير رسمية أن نحو 188 فلسطينيًا – بينهم 94 طفلًا – لقوا حتفهم جوعًا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، وسط عجز دولي تام عن وقف شبح المجاعة الذي يجتاح القطاع المحاصر.

 

وفيما يستعد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي للاجتماع غدًا الخميس لحسم قرار "احتلال غزة"، تبدو الشوارع الغزية مشلولة بين انتظار لقمة، ووقع قذيفة، وصدمة فقدان جديد، فالمساعدات التي كان يُفترض أن تُسعف الجوعى، صارت مشهدًا من مشاهد الموت الجماعي.


وبينما تتوالى جلسات التخطيط في تل أبيب لاحتلال القطاع، يُترك المدنيون عُزّل يطاردون الشاحنات بحناجر خاوية، ليجدوا أنفسهم في النهاية مدفونين تحت أكياس الدقيق. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6