نواب أوروبيون يدعون لعقوبات على المستعمرين وتعليق الشراكة مع إسرائيل
غزة _ وكالة أنباء آسيا
طالب 41 نائباً في البرلمان الأوروبي، في رسالة رسمية موجهة إلى كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، بفرض عقوبات مباشرة على المستعمرين الإسرائيليين، وتعليق اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، ووقف إطلاق النار فورًا في قطاع غزة، ردًا على تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية وتدهور الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الرسالة التي أُرسلت إلى كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، أشارت إلى تزايد الهجمات التي ينفذها المستعمرون الإسرائيليون في الضفة الغربية، واعتبرتها جزءًا من سياسة ممنهجة تتغاضى عنها الحكومة الإسرائيلية، بل وتحظى بتأييد رسمي من وزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة.
وسرد النواب وقائع محددة، من بينها هجوم مستعمرين على قرية كيسان شرق بيت لحم في 25 يوليو، وإحراق عدد من المنازل، ثم اقتحام بلدة الطيبة شرق رام الله بعد يومين، إضافة إلى الهجوم في قرية أم الخير بمسافر يطا جنوب الخليل، الذي أسفر عن مقتل الناشط الحقوقي عودة الهذالين، الذي سبق وشارك في الفيلم الوثائقي الحائز على الأوسكار "لا أرض أخرى". كما أشاروا إلى استشهاد الشاب خميس عياد اختناقًا في بلدة سلواد بعد اندلاع النيران في منزله نتيجة هجوم عنيف شنّه المستعمرون ليلة 30-31 يوليو.
وأكد النواب أن هذه الهجمات لم تعد حوادث فردية بل تجري في سياق تشجيع سياسي صريح، خاصة بعد اعتماد الكنيست الإسرائيلي في 23 يوليو قرارًا يؤيد ضم الضفة الغربية. كما تطرقوا إلى وثيقة علنية نشرتها حركة "نحالا" الاستيطانية، تقترح إنشاء مستعمرة جديدة في شمال غزة، بدعم من ستة وزراء بالحكومة و18 عضوًا في الكنيست، في مؤشر واضح على نية تحويل الانتهاكات إلى سياسة دولة رسمية.
وإلى جانب ذلك، أشارت الرسالة إلى استخدام إسرائيل المساعدات الإنسانية كسلاح في غزة، ما أدى إلى مجاعة جماعية وسقوط أكثر من 60 ألف قتيل، منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، بالإضافة إلى استشهاد أكثر من ألف فلسطيني وإصابة سبعة آلاف آخرين في الضفة الغربية خلال الفترة ذاتها.
بناء على هذه المعطيات، دعا النواب إلى اتخاذ خطوات ملموسة تشمل: وقف إطلاق النار في غزة، الإفراج عن جميع الرهائن، تعليق العلاقات التجارية مع إسرائيل وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة، فرض عقوبات تشمل سحب الجنسية المزدوجة للمستوطنين المتورطين، فرض حظر سفر وتجميد الأصول، وإعادة تمكين وكالة الأونروا كجهة إنسانية شرعية بعد فشل البدائل المؤقتة.
وختمت الرسالة بالتأكيد على أن هذه الإجراءات تُعد السبيل الوحيد لوقف ما وصفوه بـ"العنف المنهجي الذي يمارسه المستعمرون تحت غطاء حكومي"، محذرين من أن حملة القتل والتجويع والتشريد التي يتعرض لها الفلسطينيون "تمثل محاولة إبادة ممنهجة"، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يثبت التزامه بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
ويمثل النواب الموقّعون على الرسالة 16 دولة أوروبية، منها: إسبانيا، فرنسا، السويد، البرتغال، سلوفينيا، بلجيكا، مالطا، الدنمارك، إيطاليا، جمهورية إيرلندا، رومانيا، فنلندا، اليونان، ليتوانيا، قبرص، وسلوفاكيا.
الرسالة التي وقّعها 41 نائبًا في البرلمان الأوروبي تُمثّل مؤشرًا سياسيًا لافتًا على تنامي كتلة ضغط داخل الاتحاد الأوروبي تُطالب باتخاذ خطوات ملموسة تجاه إسرائيل وتصعيدًا غير مسبوق في مستويات العنف والانتهاكات. منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، تزايدت حدة الاعتداءات من قبل المستعمرين في الضفة، بالتوازي مع حرب شرسة ومستمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وأدت إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الإنسانية.
وتشير التحركات البرلمانية الأوروبية، وإن كانت غير ملزمة تنفيذيًا، إلى وجود تيار سياسي داخل الاتحاد الأوروبي بدأ يرفع صوته في وجه السياسات الإسرائيلية، خاصة تلك المدعومة من حكومة يمينية تُتهم بدعم المستعمرين وتمكينهم من تنفيذ اعتداءاتهم بلا محاسبة. المواقف المعلنة من النواب تتجاوز الجانب الإنساني، لتدخل في عمق النقاش القانوني حول الشرعية الدولية، اتفاقيات جنيف، واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، التي تنص مادتها الثانية على الالتزام بحقوق الإنسان كأساس للتعاون.
كما تعكس الدعوة لفرض عقوبات مباشرة على المستعمرين تحوّلًا في الخطاب الأوروبي المعتاد، الذي غالبًا ما اكتفى بالإدانة، دون ربطها بإجراءات ملموسة. هذا التغيير يأتي مدفوعًا بتنامي الضغط الشعبي داخل دول الاتحاد الأوروبي، وبتسارع الأحداث الميدانية التي أوصلت الوضع في غزة إلى حافة الكارثة الإنسانية، وسط اتهامات دولية باستخدام التجويع كسلاح حرب.
