تعديل تشريعي تاريخي يعيد تشكيل سوق الإيجارات في مصر

إنهاء تدريجي لعقود مضى عليها عقود.. وردود فعل متباينة

2025.08.05 - 08:29
Facebook Share
طباعة

تقرير| أماني إبراهيم

 

 

في خطوة تشريعية تُعد من الأكثر جدلًا في السوق العقاري المصري، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميًا،  الإثنين 4 أغسطس، على القانون رقم 154 لسنة 2025، والذي ينظم العلاقة الإيجارية للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكن – سواء كانت تجارية أو إدارية أو مهنية أو خدمية – والخاضعة لأحكام ما يُعرف شعبيًا بـ"الإيجار القديم".

 

وبحسب القانون الجديد، ستنتهي العلاقة الإيجارية لتلك الوحدات بعد مرور خمس سنوات من تاريخ سريان القانون، مع تطبيق زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية تبدأ بخمسة أضعاف القيمة الحالية في أول سنة، ترتفع سنويًا بنسبة 15%.

 

ويمنح القانون فترة انتقالية للمستأجرين وأصحاب الأملاك لتوفيق الأوضاع، على أن يتم الإخلاء الإجباري بعد انتهاء المدة، إذا لم يتم التوصل لاتفاق جديد بين الطرفين.

 


علاقة ممتدة من خمسينيات القرن الماضي

 

نظام الإيجار القديم في مصر يعود جذوره إلى حقبة ما بعد ثورة 1952، حيث بدأت الدولة في فرض قوانين تحدد الإيجارات وتحظر زيادتها، حمايةً للطبقات الفقيرة والمتوسطة في وقت عانت فيه البلاد من أزمة إسكان حادة.

 

وتراكمت عبر العقود أعداد كبيرة من الوحدات – سواء سكنية أو تجارية – تؤجر بأثمان زهيدة لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي، مما أدى إلى صراعات طويلة بين الملاك والمستأجرين، وظهور مطالبات متكررة بـ"تحرير العلاقة الإيجارية".

 

ورغم تعديلات متعاقبة، ظل الإيجار القديم من الملفات المؤجلة لأسباب اجتماعية وسياسية، إلى أن جاء القانون الأخير ليبدأ مسارًا واضحًا نحو إنهاء عقود غير السكني، تمهيدًا – كما يرى البعض – لإمكانية مناقشة الوحدات السكنية لاحقًا.

 

 

الملاك: خطوة طال انتظارها

 

أبدى العديد من الملاك ارتياحهم للقانون الجديد، واعتبروه إنصافًا طال انتظاره. وقال كريم منصور، عضو رابطة ملاك العقارات القديمة: "كنا نحصل على 20 أو 30 جنيهًا إيجارًا شهريًا لمحل تجاري في وسط البلد تُقدر قيمته السوقية بالملايين. القانون يعيد التوازن، لكنه لا يعوضنا عن سنوات طويلة من الظلم".

 

 

ويؤكد الملاك أن الزيادات التدريجية تمنح المستأجرين وقتًا كافيًا، دون أن تُبقيهم في ممتلكات لا تدر عائدًا حقيقيًا لأصحابها.

 

 

المستأجرون: تهديد لاستقرار الأعمال

 

في المقابل، أعرب مستأجرون – خاصة من أصحاب المهن الصغيرة والأنشطة التجارية المتوسطة – عن قلقهم من تداعيات القانون.
تقول سعاد حلمي، صاحبة مكتبة صغيرة بالإيجار القديم في حي الدقي: "كيف سأدفع خمسة أضعاف فجأة ثم 15% كل سنة؟ هذا ليس إصلاحًا بل طرد مقنّع".

 

ويخشى مستأجرون أن تؤدي الزيادات إلى إغلاق مشاريع صغيرة، أو الانتقال لمناطق أقل تكلفة ما يضر بالنشاط التجاري. ويطالب بعضهم بتوفير دعم أو بدائل عادلة، أو على الأقل السماح بمد المدة الانتقالية.

 


جدل برلماني ومستقبلي

 

القانون، الذي أقره البرلمان في 16 يوليو، لم يشمل الوحدات السكنية، رغم مطالبات بعض النواب بتوسيع نطاقه.


وتوقّع خبراء أن يكون تطبيقه بمثابة اختبار سياسي واجتماعي، تمهيدًا لمناقشة ملف الإيجار القديم السكني مستقبلًا، خاصة في ظل الضغوط العقارية والاقتصادية الحالية.

 

ويرى الخبير العقاري المهندس طارق عبد العال أن القانون "يوازن بين الحقوق والواجبات"، لكنه يتطلب دعمًا موازيًا من الدولة لحماية المستأجرين الضعفاء من الانهيار الاقتصادي المفاجئ.

 


بينما يرى الملاك في القانون تصحيحًا لمسار طويل من الخلل، يعتبره كثير من المستأجرين تهديدًا لاستقرارهم الاقتصادي، في ظل ارتفاع تكلفة البدائل.


ومع بدء سريان القانون قريبًا، تُفتح صفحة جديدة في ملف الإيجار القديم، قد تؤسس لتحول جذري في الملكية والإيجار في مصر، وسط ضرورة لموازنة دقيقة بين العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3