كتبت: أماني إبراهيم
شهدت مدينة نيويورك، مساء الإثنين، واحدة من أقوى التحركات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، بعدما نظمت حركة "IfNotNow" اليهودية‑الأمريكية وقفة احتجاجية ضخمة أمام فندق ترامب الدولي في دائرة كولومبوس، أسفرت عن اعتقال أكثر من ٤٠ متظاهرًا.
ورفع المحتجون لافتات كُتب عليها "ليس باسمنا"، و"أوقفوا التطهير العرقي"، و"ترامب: اليهود يقولون كفى"، فيما جلس العشرات في الشارع أمام الفندق، مرددين هتافات تطالب بإنهاء الحرب وتكثيف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الذي يعيش كارثة إنسانية منذ أشهر.
وأكد منظمو الفعالية أنها تمثّل "أوسع تحالف يهودي أميركي مناهض لأفعال إسرائيل في غزة منذ عامين"، مشيرين إلى أن التحرك يهدف إلى الضغط على صانعي القرار في الولايات المتحدة لوقف الدعم غير المشروط لتل أبيب.
وشارك في الوقفة عدد من الشخصيات البارزة، بينهم المصوّر الصحفي الفلسطيني معتز عزايزة الذي تحدث عن الواقع الإنساني الكارثي في غزة، بالإضافة إلى روث ميسنجر، والرابّي تلميري جايكوبس، وعضو المجلس التشريعي في نيويورك براد ليندر، إلى جانب ليلي غرينبرغ كول، المسؤولة السابقة في إدارة بايدن-هاريس التي استقالت في وقت سابق احتجاجًا على سياسات الإدارة تجاه القطاع المحاصر.
ومع حلول الساعة الثامنة والربع مساءً بالتوقيت المحلي، بدأت قوات الشرطة في تفريق الحشود واعتقال المتظاهرين، بحجة "إغلاق الشارع"، وتم تحميل المعتقلين في شاحنات تابعة لشرطة نيويورك، بينما واصل النشطاء توثيق الحدث على مواقع التواصل.
تأتي هذه الوقفة في سياق موجة احتجاجات متصاعدة داخل الولايات المتحدة تقودها جماعات يهودية تقدمية مثل "IfNotNow" و"Jewish Voice for Peace"، والتي سبق أن نظّمت اعتصامات واسعة في مواقع رمزية مثل Trump Tower ومحطة غراند سنترال ومكاتب أعضاء في الكونغرس، مطالبة بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل ورفع الحصار عن غزة.
وشهدت الأشهر الأخيرة انخراطًا متزايدًا من أعضاء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة في الحراك المناهض للحرب، في تحول لافت عن المواقف التقليدية الداعمة لإسرائيل، إذ باتت أصوات كثيرة من الداخل اليهودي الأميركي تطالب علنًا بوقف الحرب واحترام الحقوق الفلسطينية.
وكانت منظمات دينية يهودية مرموقة قد وقّعت في الأسابيع الماضية على بيانات تطالب بإدخال المساعدات فورًا إلى غزة ووقف المجاعة، بينها حركة "رابينكال أسمبلي" ومنظمة T’ruah التي تمثل مئات القادة الدينيين اليهود.
مشهد متغير
هذه التحركات تعكس تحوّلًا جذريًا في الرأي العام اليهودي داخل الولايات المتحدة، إذ أصبح كثيرون يعتبرون دعم الاحتلال الإسرائيلي لا يتماشى مع القيم اليهودية الإنسانية، خاصة في ظل التغطيات المستمرة للكارثة الإنسانية في غزة.
كما أن استهداف فندق ترامب، بما يحمله من رمزية سياسية وتجارية وشخصية للرئيس الأميركي، يوجه رسالة مباشرة إلى النخبة السياسية التي تواصل دعمها المطلق لإسرائيل رغم تصاعد الكارثة الإنسانية في القطاع.
من هي حركة IfNotNow؟
تأسست حركة "IfNotNow" في الولايات المتحدة عام 2014، على يد مجموعة من الشبان اليهود الأميركيين، كرد فعل على العدوان الإسرائيلي على غزة آنذاك. وتعرّف الحركة نفسها كجماعة يهودية‑أميركية تقدمية تعمل على إنهاء دعم المجتمع اليهودي الأميركي والمؤسسات السياسية الأميركية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وتستمد اسمها من مقولة شهيرة للفيلسوف اليهودي الحاخام هيلل الأكبر: "إن لم أكن أنا لنفسي، فمن يكون لي؟ وإن لم أكن الآن، فمتى؟"، لتعبّر عن التزامها العاجل بالعدالة والكرامة الإنسانية.
تركز "IfNotNow" على تنظيم حملات احتجاج سلمية، واعتصامات مباشرة، والضغط الإعلامي والسياسي، بهدف إنهاء الصمت الأميركي على سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وتطالب بوقف الدعم العسكري والاقتصادي غير المشروط لإسرائيل، مع دعم حقوق الفلسطينيين في الحرية والمساواة.
وعلى عكس بعض الجماعات اليهودية التقليدية، ترفض "IfNotNow" الخلط بين اليهودية كديانة وثقافة، وبين السياسات الحكومية لدولة إسرائيل، وتؤكد أن معارضتها للاحتلال تنبع من جذورها اليهودية الأخلاقية.