في ظل التحولات السياسية والجيوسياسية التي تشهدها سوريا، يبرز قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، كأحد أبرز الفاعلين الذين يعكسون تغييرات مهمة على الساحة السورية. عبدي يرى أن النظام المركزي الشمولي الذي حكم سوريا لعقود لم يعد قادرًا على الاستمرار، مشيرًا إلى الحاجة الملحة إلى نظام لامركزي يتيح مشاركة جميع مكونات الشعب في الحياة السياسية والإدارية.
تصريح عبدي حول "عدم قابلية النظام المركزي للحياة" يفتح النقاش حول مدى جدوى استمرار نموذج الحكم التقليدي في سوريا، الذي عانى من حرب مستمرة لأكثر من 14 عامًا أدت إلى انقسام البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة. في هذا السياق، يقترح عبدي أن الحل يكمن في توزيع السلطة وتمكين مختلف الأطراف من ممارسة دورهم السياسي، ما قد يساعد على تخفيف التوترات وتجاوز الانقسامات العميقة.
من جانب آخر، تناول عبدي اتفاق 10 آذار الذي تم التوصل إليه بين قواته والحكومة السورية، بوصفه خطوة أولى نحو وقف إطلاق النار وبدء حوار شامل يعالج قضايا عدة، منها القضية الكردية التي تمثل تحديًا مستمرًا على طريق الحل السياسي. الاتفاق، بحسب عبدي، جاء بعد جولات تفاوض مطولة بدعم من منظمات مدنية دولية، وهو يحاول أن يجمع على خطوط عامة متفق عليها، مع تأجيل التفاصيل إلى مراحل لاحقة.
هذا الاتفاق يثير تساؤلات حول مدى استدامته وفعاليته، خاصة في ظل غياب بعض الأطراف الإقليمية الفاعلة عن المشاركة المباشرة في التفاوض، مثل تركيا التي لها موقف معقد تجاه قوات سوريا الديمقراطية. ورغم ذلك، يؤكد عبدي وجود قنوات تواصل مع تركيا، وهو ما يشير إلى أن التفاهمات المستقبلية قد تكون ممكنة رغم الخلافات.
أما على الصعيد الدولي، فإن استمرار الدعم والمشاركة من دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا يعكس اهتمامًا دوليًا مستمرًا بإيجاد تسوية سياسية في سوريا، لكن يبقى السؤال عن مدى قدرة هذه الدول على التأثير بشكل فعلي على المسار الداخلي السوري المعقد.
يبقى الطريق نحو استقرار سوريا طويلًا ومعقدًا، مع ضرورة توخي الحذر في التعامل مع كل مبادرة أو رؤية. الحوار والتفاهم بين الأطراف السورية المختلفة، إلى جانب الدعم الدولي المتوازن، يمكن أن يشكلوا عوامل مهمة لتجاوز الأزمة الحالية، لكن نجاح ذلك يعتمد على قدرة جميع الأطراف على التفاوض والتنازل في إطار يحفظ مصالح الشعب السوري ويؤسس لمستقبل أفضل.