شهد حي المالكي الراقي في العاصمة دمشق جريمة مروعة مساء الأحد، راحت ضحيتها الفنانة ديالا الوادي، ابنة الموسيقار الراحل صلحي الوادي، أحد أبرز رموز الموسيقى العربية المعاصرة. الجريمة أثارت صدمة واسعة في الأوساط الثقافية والاجتماعية، كونها وقعت في أحد أكثر أحياء دمشق هدوءاً وتحصيناً، وفي قلب المشهد الثقافي السوري.
تفاصيل الجريمة: الخنق بدافع السرقة
وفق ما تداولته مصادر محلية وشهادات جيران، فقد تم العثور على جثمان الضحية داخل شقتها، حيث بدت عليها آثار خنق. وتشير المعلومات الأولية إلى أن الجريمة نُفذت بدافع السرقة، بعد أن اقتحم مجهولون الشقة ليلًا، واستولوا على مقتنيات ثمينة قبل أن يفروا هاربين من المكان.
سكان المبنى تحدثوا عن سماع أصوات غير مألوفة قبيل منتصف الليل، تلتها حالة من الهدوء المفاجئ، ما يرجح أن الجريمة تمت بسرعة ودون مقاومة كبيرة من الضحية. ويُعتقد أن الجناة كانوا على معرفة بمكان السكن، وربما تربطهم صلة سابقة بالمجني عليها، وهو ما تعكف الجهات المعنية حالياً على التحقق منه.
ضحية ذات إرث فني وإنساني كبير
ديالا الوادي لم تكن مجرد فنانة شابة صاعدة، بل ابنة أحد عمالقة الموسيقى العربية، صلحي الوادي، الذي أسس المعهد العالي للموسيقا في دمشق، وكرّس حياته لتطوير الذوق الموسيقي في المنطقة العربية. نشأت ديالا في بيت فني متكامل، وتشربت الفن والثقافة منذ صغرها، حيث درست المسرح وشاركت في عدد من العروض المسرحية والتلفزيونية، تاركة بصمة واضحة رغم قلة ظهورها الإعلامي.
عُرفت ديالا بذكائها الفني، وشخصيتها الهادئة، وميلها للعمل بعيداً عن الأضواء. كانت فنانة مثقفة تؤمن بقيمة الفن، وبدوره في تهذيب المجتمعات، واختارت أن تبقى في سوريا رغم الظروف الصعبة، لتساهم في الحياة الثقافية المحلية بطريقتها.
هل تعود الجريمة لخلل أمني؟
حادثة القتل أثارت تساؤلات واسعة حول الوضع الأمني في العاصمة، خاصة في الأحياء الراقية التي يفترض أن تكون تحت مراقبة دائمة. حي المالكي تحديداً يضم سفارات ومنازل شخصيات بارزة، مما يطرح علامات استفهام حول كيفية دخول الجناة وخروجهم دون رصد.
ويرى مراقبون أن الحادثة تسلط الضوء على تصاعد الجرائم المنظمة بدافع السرقة، في ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي، والذي قد يكون أحد العوامل الدافعة وراء تنامي هذه الحوادث، حتى في المناطق التي كانت تُعد آمنة ومحمية.
ضرورة التحقيق والعدالة
الجريمة، التي رُفعت إلى السلطات الجنائية، ما تزال قيد التحقيق، وسط مطالبات واسعة بكشف الحقيقة كاملة ومحاسبة الفاعلين. ناشطون دعوا إلى تشكيل لجنة مستقلة لتتبع خيوط الجريمة، ومنع طيّها كغيرها من الجرائم الغامضة.
كما طالب حقوقيون بتحسين آليات الحماية في العاصمة، خصوصاً للفنانين والمثقفين، الذين يُعتبرون من أكثر الفئات عرضة للتهميش أو الاستهداف في فترات الأزمات.