في غزة .. العدس بدل الحليب صراع يومي من أجل البقاء

​"جحيم البقاء".. مأساة عائلة صبح في غزة الجائعة

2025.08.04 - 12:58
Facebook Share
طباعة

 

كتبت- أماني إبراهيم

في خيمة مهترئة على ساحل قطاع غزة، تقيم عائلة صبح التي لم تعد تعرف من الحياة سوى وجهها القاسي: أب مصاب، أم تتسوّل لأجل كسرة خبز، وأطفال يحملون قناني المياه بدل الحقائب المدرسية. إنها واحدة من آلاف القصص التي تسكن تفاصيل المجاعة المستشرية تحت الحصار، كما نقلها تقرير ميداني مؤلم لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، الذي يوثق كيف تحوّل العيش في غزة إلى معركة يومية من أجل البقاء.

 

 

فادي صبح، بائع متجول يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، لم يعد يقوى على العمل بعد إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته الوصول إلى شاحنة مساعدات. يعيش مع زوجته عبير (29 عامًا) وأطفالهما الستة في خيمة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.

تقول عبير إنهم لا يملكون حتى الماء العذب، فتضطر إلى جلب مياه البحر لتغسل بها أطفالها، رغم حرقتها على بشرتهم وعيونهم.

الطعام؟ حساء عدس خفيف من "تكية" خيرية بالكاد تفتح مرة واحدة في الأسبوع. وعندما لا يظفرون بشيء، ينام الأطفال جائعين، وأمهم لا تجد سوى البكاء بصمت.

 

تسوّل وركض خلف فتات المساعدات

 

في كل صباح، تخرج عبير حاملة رضيعها وتجرّ أبناءها في رحلة طويلة بين مراكز المساعدات أو تسوّل لدى الجيران. وغالبًا ما تعود بخيبة وكسرة خبز. "أحيانًا أقول للناس: أعطوني ما فاض منكم، فأطفالي جائعون"، تقول عبير للصحفيين.

 

أما فادي، الذي يعاني من الصرع، فلم يعد يستطيع الوقوف في طوابير المساعدات الطويلة. حين يعجز عن جلب الطعام، يذهب بصمت إلى الخيمة ليرى أطفاله يتضورون جوعًا أمام عينيه.

قناني الماء بدل الألعاب

 

الأطفال الثلاثة الكبار – يوسف (10 سنوات)، محمد (9)، وملك (7) – لا يلعبون كبقية الأطفال، بل يحملون قناني بلاستيكية فارغة ليملأوها من شاحنة مياه تأتي من محطة تحلية في القطاع. يوسف يحملها على ظهره، ومحمد يجرّها على الأرض، وملك تتشبث بأمها باحثة عن ظل أو لقمة.

 

يقول التقرير إن مأساة عائلة صبح ليست سوى صورة واحدة ضمن آلاف الصور المأساوية في غزة. هناك أطفال يموتون من الجوع قبل القصف، وأمهات يرضعن أطفالهن حساء العدس بدل الحليب، وأسرٌ تبحث في أنقاض المنازل عن بقايا حطب لطهو طحين بالكاد يُنتزع من بين الجموع.

ورغم دخول بعض المساعدات في مايو/أيار، إلا أن حجمها لا يكفي 1% من سكان القطاع، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. والأسواق، كما تصفها الصحيفة، تحولت إلى فوضى من العوز والاحتكار، حيث يباع كيس الطحين بسعر خيالي، إذا توفّر أصلاً.

 

ليست قصة بل وثيقة كارثة

 

تختم لوس أنجلوس تايمز تقريرها بالقول: "ما يحدث في غزة ليس مجرد قصة مأساوية، بل شهادة دامغة على كارثة إنسانية صامتة في نظر العالم، صاخبة في حياة من يعيشونها". ففي مكان تُنتهك فيه الحياة يوما بعد آخر، لا يعود الجوع مجرد إحساس، بل سلاح يومي يحاصر روح الإنسان حتى آخر فتات أمل.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4