كتبت- أماني إبراهيم
في واحدة من أكثر الصور المأساوية للحرب الدائرة في قطاع غزة، لا يتوقف المشهد عند القصف والدمار، بل يتعداه إلى مجاعة معلنة بالصمت الدولي وأحداث استفزازية في قلب القدس تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي والدولي، تقارير صادمة صادرة عن منظمات حقوقية ووكالات أممية تكشف أن العشرات يقتلون أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، بينما يحاول الاحتلال الإسرائيلي صرف الأنظار عبر خطوات تصعيديةباحات المسجد الأقصى.
مجاعة غزة: موت بطيء على مرأى العالم
منذ مارس 2025، بعد أن فرضت إسرائيل إغلاقًا شبه كامل على المعابر وقلصت دخول المساعدات إلى أدنى حد، ارتفعت مؤشرات الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وأكد تقرير صادر عن برنامج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن جميع المؤشرات تقارب حدود "إعلان المجاعة"، لكن تعذر الوصول الآمن إلى البيانات حال دون إصدار إعلان رسمي.
ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي ما لا يقل عن 48 شخصًا بينهم 20
طفلًا خلال شهر يوليو فقط بسبب سوء التغذية الحاد، كما تشير بيانات أخرى إلى وجود أكثر من 100 ألف طفل وامرأة بحاجة عاجلة إلى تدخل غذائي وطبي طارئ
.
لكن الجوع ليس وحده القاتل، ففي مشاهد تقشعر لها الأبدان، قتل ما لا ي
عن 33 فلسطينيًا في يوم واحد، أثناء تجمعهم للحصول على مساعدات منقذة للحياة في شمال القطاع، وأفادت الأمم المتحدة أن قوات الاحتلال فتحت النار عدة مرات على المدنيين الجائعين خلال توزيع الغذاء، مما رفع إجمالي القتلى في مثل هذه الحوادث إلى أكثر من 1,000 شخص منذ أواخر مايو.
60 ألف قتيل... والحصيلة مستمرة
حتى مطلع أغسطس، وثقت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة مقتل أكثر من 60,800 شخص، بينهم 18,500 طفل و9,800 امرأة، في حين يتزايد عدد الجثث تحت الأنقاض والطرقات مع استمرار العمليات العسكرية بلا توقف.
اقتحام الأقصى: استفزاز سياسي في توقيت كارثي
وفي ظل هذه المأساة، أقدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المعروف بخطابه اليميني المتطرف، على اقتحام باحات المسجد الأقصى في 3 أغسطس، برفقة قوة أمنية ضخمة، وأدى صلوات علنية داخل الحرم القدسي، في انتهاك صارخ للوضع القائم منذ عقود.
الاقتحام فجّر موجة إدانات من الأردن والسعودية وتركيا، حيث وصفته
الخارجية الأردنية بأنه "تصعيد خطير واستفزاز صارخ لمشاعر المسلمين"، بينما اتهمت السعودية إسرائيل بتحويل وجهة الأنظار عن جرائم الحرب في غزة بإشعال الجبهة الدينية في القدس.
هذه الزيارة لم تكن الأولى لبن غفير، لكنها جاءت في توقيت بالغ الحساسية، وسط تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار واشتداد الكارثة الإنسانية، مما اعتبره مراقبون محاولة لجرّ المنطقة إلى انفجار ديني جديد يصرف الأنظار عن المجازر الجارية.
إدارة بايدن في مأزق: دعم إنساني ملغوم
في تناقض صارخ، زار مبعوث أمريكي موقعًا لتوزيع المساعدات داخل غزة تديره مؤسسة مدعومة من الجيش الإسرائيلي وتتعرض لانتقادات حادة من المنظمات الحقوقية لفشلها في حماية المدنيين. واشنطن تحاول لعب دور "الداعم الإنساني"، بينما الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل مستمر بلا شروط.
وتطالب منظمات إغاثة دولية بالسماح بمرور مساعدات دون تدخل عسكري، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة بإشراف أممي. إلا أن إسرائيل تواصل عرقلة هذه الجهود تحت مزاعم "أمنية".
العالم يصمت... وغزة تنزف
رغم فظاعة المشهد، لم يُعلن عن مجاعة رسميًا، ولم يُفرض وقف لإطلاق النار، ولم يُحاسب أحد على قصف المستشفيات أو قتل المدنيين عند طوابير الخبز. وبينما تشتعل القدس بغطرسة سياسية، يلفظ الغزيون أنفاسهم الأخيرة بصمت تحت ركام الجوع.