سقوط جديد لأحد رموز الانتهاكات في سوريا

سامر الخطيب

2025.08.03 - 11:17
Facebook Share
طباعة

 أعلنت وزارة الداخلية السورية عن القبض على نبيل دريوسي، أحد أبرز المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال سنوات النزاع، وذلك في عملية نوعية نُفذت بمحافظة اللاذقية. ويعد دريوسي من الأسماء المرتبطة بسجل طويل من الجرائم، من بينها التمثيل بجثث الضحايا والمشاركة في حملات عسكرية ضد مدنيين.


بحسب البيان الرسمي، فإن المقبوض عليه كان أحد عناصر النظام السابق ممن شاركوا بشكل مباشر في عمليات اقتحام وقصف لمناطق مدنية، ووُثقت ضده شهادات تتحدث عن تورطه في أعمال ترهيب وقتل خارج إطار القانون. وقد جرى تسليمه إلى إدارة مكافحة الإرهاب لاستكمال التحقيقات واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية بحقه.


صفحة جديدة في ملاحقة المتورطين
تأتي هذه الخطوة في إطار حملة موسعة تنفذها الجهات الأمنية بهدف ملاحقة من يثبت تورطهم في جرائم الحرب والانتهاكات ضد المدنيين خلال السنوات الماضية. وتؤكد السلطات أنها ماضية في تنفيذ العدالة، دون النظر إلى الرتب أو الجهات التي كان ينتمي إليها المتورطون.


وسبق أن أُلقي القبض على عدد من الأشخاص المتهمين بارتكاب مجازر، من أبرزها مجزرة الحولة عام 2012، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال. وشكّلت تلك الجريمة محطة سوداء في الذاكرة السورية، ما جعل ملاحقة المسؤولين عنها جزءاً من مطالب الأهالي والمنظمات الحقوقية.


رمزية دريوسي في ذاكرة الحرب
يُعد نبيل دريوسي اسماً معروفاً لدى الكثير من الناجين من حملات النظام المخلوع، خصوصاً في الساحل السوري. تتحدث شهادات عن دوره في اقتحام قرى وأحياء شهدت مقاومة شعبية، حيث كان جزءاً من فرق أظهرت قسوة مفرطة ضد المدنيين. وتوثّق بعض الروايات حالات تمثيل بجثث وقتل ميداني دون محاكمات، فضلاً عن تدمير واسع للممتلكات الخاصة وتهجير السكان.


وبالنظر إلى طبيعة الجرائم المنسوبة إليه، فإن توقيف دريوسي يحمل دلالة رمزية كبرى لدى شريحة واسعة من السوريين، بوصفه مؤشراً على أن زمن الإفلات من العقاب بدأ يتآكل، ولو ببطء.


تحديات العدالة الانتقالية
على الرغم من أن هذه الخطوة لاقت ترحيباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن أصواتاً حقوقية نبّهت إلى أهمية أن تُستكمل الإجراءات ضمن مسار شفاف يضمن المحاكمة العادلة، وعدم تحوّل هذه العمليات إلى مجرد رسائل سياسية.


كما أشار خبراء قانونيون إلى أن ملاحقة أفراد بمفردهم لا تكفي ما لم تترافق مع فتح ملفات على مستوى أعلى تشمل من أصدر الأوامر، أو سمح بتلك الانتهاكات، وهو ما يُعتبر جوهر العدالة الانتقالية في أي بلد يخرج من مرحلة صراع.


النظام السابق بين السقوط والمحاسبة
منذ سقوط النظام السابق، تسعى السلطة الانتقالية إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي على أسس قانونية ومؤسساتية جديدة، تتضمّن المراجعة الكاملة لسلوك الأجهزة الأمنية والعسكرية. ولا شك أن هذه المهمة معقدة، نظراً لتراكمات السنوات الماضية، وتشابك الملفات التي تشمل انتهاكات واسعة وممنهجة.


لكن ما يجري اليوم، من اعتقال عناصر بارزين في أجهزة النظام السابق، يمثل بداية حقيقية نحو فتح ملفات المساءلة، وإشارات واضحة على أن الانتماء إلى أجهزة القمع لم يعد حصانة ضد القانون.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4