قسد تعيد رسم استراتيجيتها.. خطوة لتجنب التصعيد التركي؟

سامر الخطيب

2025.07.30 - 09:45
Facebook Share
طباعة

 عاد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، ليؤكد في تصريحات حديثة على وحدة الأراضي السورية وأهمية عودة مؤسسات الدولة إلى مناطق الجزيرة السورية، مستندًا بذلك إلى بنود اتفاق 10 آذار 2025 الموقع مع الحكومة السورية. هذه التصريحات تزامنت مع خفوت نبرة التوتر التي كانت سائدة في خطاب قسد خلال المواجهات الأخيرة في السويداء، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا التراجع دلالة على مسار استراتيجي جديد، أم مجرد محاولة لتفادي تصعيد عسكري تركي محتمل.


تأجيل ملفات خلافية وتركيز على الوحدة
في مقابلة تلفزيونية، أكد عبدي أن قسد تعترف بوحدة الأراضي السورية وتدعو إلى تطبيق اللامركزية، مع الاعتراف باللغة الكردية في المناطق ذات الغالبية الكردية. ورغم هذه المواقف، لم يقدم عبدي أو غيره من قيادات قسد آليات واضحة بشأن الاندماج العسكري لقواتهم ضمن الجيش السوري، وهو الملف الأكثر حساسية والخلافية، حيث لا تزال تسود حالة من الغموض حول ما إذا كانت قوات قسد ستذوب ضمن الجيش أو تبقى كتلة مستقلة.


تعليقًا على هذا، أشار عبدي إلى أن بعض الأطراف داخل قسد تطلب ضمانات قبل الموافقة على الاندماج، خصوصًا بعد التطورات في السويداء والساحل، وهو ما يؤكد استمرار التوترات حول الملف الأمني رغم التصريحات الرسمية.


تحركات تركية ودبلوماسية مكثفة
على الصعيد الخارجي، شهدت الأيام القليلة الماضية حراكًا دبلوماسيًا وعسكريًا تركيًا مكثفًا، حيث التقى وزير الدفاع التركي يشار غولر بالمبعوث الأمريكي توماس باراك في محاولة لإقناع واشنطن بدعم خطوات تركية ميدانية في سوريا. وتسربت معلومات عن تسليم أنقرة لدمشق دفعات من المعدات العسكرية والمدرعات، ما يشير إلى تلاعب أنقرة بالملف السوري على عدة مستويات.


وتخشى تركيا من استمرار حركة حزب العمال الكردستاني بين العراق وسوريا، خصوصًا بعد إعلان الحزب إلقاء السلاح، إذ يمكن لذلك أن يعقد جهودها للضغط على قسد والدولة السورية.


التناقض بين التصريحات والواقع الميداني
رغم تأكيدات قسد على التزامها باتفاقات الوحدة مع دمشق، فإن الواقع على الأرض يظهر مسارًا مختلفًا. فالقوات تواصل بناء تحصينات في مناطق سيطرتها بريف حلب الشرقي، وتدعم فصائل محلية في السويداء تعرقل جهود الحكومة السورية للسيطرة على المنطقة. كما تسعى قسد لاستقطاب الدعم من وجهاء عشائر الحسكة ودير الزور لتثبيت إدارتها الذاتية على الأرض، رغم تراجع استخدامها لهذا المصطلح رسميًا.


هذه التصرفات تعكس ازدواجية في موقف قسد: من جهة تسعى للتفاوض والسياسة، ومن جهة أخرى تحافظ على قوتها العسكرية واستقلاليتها الفعلية، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري.


دوافع سياسية وعسكرية وراء التهدئة الظاهرة
يبدو أن قسد تحاول عبر هذه المواقف الجديدة الموازنة بين رغبتها في الحفاظ على مكاسبها الميدانية والسياسية، وبين الخوف من تصعيد تركي قد يكون محدودًا لكنه مدمر إذا حدث. وتعمل على تفادي المواجهة المباشرة مع أنقرة ودمشق، خصوصًا في ظل التحالف التركي-السوري ضدها، ما يجعلها تقدم تنازلات على المستوى السياسي لتحصين نفسها من أي هجوم محتمل.


الخلاصة
تصريحات مظلوم عبدي المتجددة عن وحدة سوريا وضرورة عودة مؤسسات الدولة، هي على الأرجح جزء من خطة تكتيكية لقسد للعب على عدة خطوط: تأكيد رغبتها في الحل السياسي، تفادي التصعيد التركي، والحفاظ على نفوذها العسكري والاداري في مناطق سيطرتها. في الوقت ذاته، لا تزال هناك ملفات شائكة بلا حلول واضحة، أبرزها مصير سلاح قسد وطبيعة اندماجها ضمن الجيش السوري.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6