مترو دمشق.. خطوة نحو العاصمة الذكية

رزان الحاج

2025.07.29 - 11:36
Facebook Share
طباعة

 
بعد أكثر من أربعين عاماً من الدراسات المؤجلة والمخططات غير المنفّذة، يعود مشروع مترو دمشق إلى الواجهة بقوة، هذه المرة من بوابة "الخط الأخضر"، أحد أضخم مشاريع النقل العام في سوريا. المشروع يمتد على طول 16.5 كيلومتراً من المعضمية إلى القابون، مارّاً بمحطة الحجاز في قلب العاصمة، ويضم 17 محطة رئيسية صمّمت لتكون مراكز استثمارية وتجارية متكاملة.


يأتي هذا التوجه في إطار خطة تنموية أوسع تهدف إلى تحديث منظومة النقل العام، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الشراكات الاستثمارية في مرحلة إعادة الإعمار. ويُعد "الخط الأخضر" أول خطوة فعلية نحو تأسيس شبكة نقل حديثة ومستدامة تربط العاصمة بضواحيها، وتساهم في الحد من الازدحام وتقليص الاعتماد على وسائل النقل التقليدية.


مشروع استراتيجي برؤية شاملة
بحسب المخطط الحالي، فإن المشروع سيوفّر طاقة نقل يومية تصل إلى 840 ألف راكب، مستخدماً ما بين 29 و40 قطاراً، كل منها بسعة 1100 راكب، وبسرعة قصوى تبلغ 80 كلم/ساعة. وتُقدّر كلفة التنفيذ بنحو 1.2 مليار يورو، ضمن نظام الاستثمار (BOT)، مع التأكيد أن العمالة ستكون بالكامل سورية، بعد تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية بالتعاون مع جهات دولية.


ومن بين الأهداف الأساسية للمشروع، تقليل الانبعاثات وتخفيف الاعتماد على الوقود، وتوفير بديل حضاري واقتصادي لوسائل النقل الخاصة، بما يسهم في خفض التكاليف اليومية على المواطنين. كما تُخطط وزارة النقل لاستغلال مواقع المحطات لبناء مجمعات خدمية وتجارية ومواقف ذكية، تُرفد الخزينة العامة وتوفر فرص عمل جديدة.


بنية تحتية متكاملة ومسارات متعددة
الخط الأخضر ليس الوحيد في الخطة المستقبلية، بل يُشكل نواة لشبكة سكك جديدة تربط دمشق بمحيطها، ومن بين المسارات المقترحة:
الحجاز – دمر – قدسيا – الهامة
الحجاز – المعضمية – قطنا
الحجاز – السيدة زينب – منطقة المعارض – المطار
الحجاز – القدم – الكسوة – دير علي


هذه الخطوط تهدف إلى ربط الأحياء السكنية والمراكز التجارية والطلابية بالعاصمة، عبر تبادل الركاب في محطات مركزية مثل ساحة الحجاز وساحة الجمارك، مع التركيز على التكامل بين المترو والقطارات الضواحية.


تنفيذ تدريجي وفق شروط فنية وإدارية
المشروع سيمر بعدة مراحل تنفيذية، تبدأ بتحديث الدراسات الفنية القديمة، وتقدير الكثافات السكانية المتوقعة، وتحديث قوانين الاستثمار لتوفير بيئة قانونية جاذبة. كما سيجري تقييم البنية التحتية الحالية، مع إمكانية تعديل بعض مسارات الخط الأخضر بناءً على احتياجات التوسع العمراني، خاصة في المناطق المحيطة بمحطتي البداية والنهاية.


في هذا السياق، تُخصص الوزارة 50 دونماً في منطقة القابون ضمن مسار المشروع، فيما تواصل حالياً تحديث جدوى المشروع بهدف عرضه على المستثمرين، وسط اهتمام واسع من عدة جهات دولية.


عقبات تمويل وخيارات استثمارية
رغم الطموح الكبير، لا تزال هناك تحديات تمويلية حقيقية. فالوزارة لم ترصد موازنة حكومية للمشروع، وتُعوّل كلياً على التمويل الخارجي ضمن نظام (BOT). ومع أن التكلفة التقديرية تبلغ 1.2 مليار يورو، فإن الدولة تسعى لجذب استثمارات عبر تقديم إعفاءات ومحفزات تشمل الضرائب والتراخيص وتسهيلات العمل.


نحو دمشق جديدة
مشروع مترو دمشق ليس مجرد وسيلة نقل، بل رؤية حضرية واقتصادية متكاملة، تستهدف رفع جودة الحياة في العاصمة، وتحسين التنقل، وتوليد فرص استثمار جديدة. وبينما يبقى التنفيذ مرهوناً بتوافر التمويل والاستقرار، فإن عودة هذا المشروع إلى الواجهة تعكس تحوّلاً مهماً في التفكير الاستراتيجي نحو بناء دمشق حديثة، متصلة وآمنة ومستدامة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 10