مايكل لولر هو نائب في مجلس النواب الأميركي عن الحزب الجمهوري يمثل ولاية نيويورك، بدأ ولايته الأولى في الكونغرس عام 2023، وسرعان ما برز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب حيث يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ضمن هذا الدور، أصبح لولر شخصية محورية في تشكيل الموقف الأميركي تجاه سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد. يتميز أسلوبه بالتركيز على "مكافحة الإرهاب" وضمان "المصالح الأمنية الأميركية" في المنطقة، إضافة إلى تشديده على أهمية الحفاظ على الشروط الصارمة قبل أي تغيير جذري في السياسة تجاه دمشق.
التصريحات والمواقف العلنية حول سوريا
عُرف عن لولر تبنيه خطابًا حذرًا يدعو إلى عدم التسرع في أي انسحاب أو تغيير غير مدروس. ففي 2023، عند مناقشة قرار في الكونغرس لسحب القوات الأميركية من سوريا، عارض لولر بقوة الانسحاب السريع. وأكد في كلمة له أن وجود قوة أميركية محدودة في سوريا لا يزال ضروريًا لمنع عودة تنظيم داعش والحيلولة من دون تكرار سيناريوهات الفوضى. وقال لولر محذرًا إن انسحابًا كاملاً قد يؤدي إلى نتائج “كارثية مشابهة للانسحاب السريع من أفغانستان”، مشددًا على أن غياب القوات الأميركية سيفسح المجال أمام أعداء الولايات المتحدة للعودة والنمو وتهديد حلفاء واشنطن وحتى الأراضي الأميركية. كما ربط لولر استمرار الوجود الأميركي بدعم الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك تعزيز اتفاقيات أبراهام بين إسرائيل ودول عربية، معتبرًا أن بقاء القوات يسهم في “شرق أوسط أكثر استقرارًا وسلامًا”.
إلى جانب ملف القوات، ركز لولر في تصريحاته على محاربة النفوذ الإيراني في سوريا. فعندما شنت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد مواقع لميليشيات تدعمها إيران في سوريا مطلع عام 2024، أصدر لولر بيانًا مؤيدًا للعملية. ووصف الرد العسكري الأميركي بأنه “هدير مدوٍ” يجعل طهران تدفع ثمن اعتداءاتها. ودعا إلى مواصلة الضغط على إيران ووكلائها عبر تكثيف العقوبات، لا سيما على صادرات النفط الإيراني التي تمول أنشطة طهران العسكرية. واعتبر لولر أن نهجًا شاملًا يجمع بين العقوبات القاسية والتحرك العسكري الحاسم ضروري لـ“كبح حملة الإرهاب التي يشنها النظام الإيراني”.
في الشأن السوري ، اتخذ لولر موقفًا حذرًا من خطوات بعض الدول نحو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد قبل 2025. وقد دعم ضمنيًا مشروع قانون في الكونغرس لمنع إدارة بايدن من الاعتراف أو التطبيع مع حكومة يترأسها الأسد (قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد 2023) والذي حظي بدعم من الحزبين. عكس هذا التوجه رفض لولر لأي شرعنة لنظام الأسد المخلوع وتأكيده على محاسبة النظام على الجرائم خلال الحرب. وبرغم أن حكومة الأسد بقيت في السلطة حتى أواخر 2024، إلا أن لولر وغيره من المشرعين وضعوا خطوطًا حمراء ضد أي تعامل رسمي معها.
دوره في التشريعات المتعلقة بسوريا
بعد التطورات المفصلية في سوريا أواخر 2024 – بما في ذلك سقوط نظام بشار الأسد في نهاية 2024 وتولي قيادة جديدة في دمشق – أصبح لولر لاعبا رئيسيا في صياغة استجابة الكونغرس، في يوليو 2025، قدم لولر مشروع قانون “قانون محاسبة عقوبات سوريا لعام 2025” الذي يهدف إلى تحديث إطار العقوبات الأميركية على سوريا. أوضح لولر أن الغاية هي الحفاظ على أقصى ضغط على فلول النظام السابق والجهات الداعمة له، بالتوازي مع منح الإدارة الأميركية مرونة مشروطة لدعم الحكومة الجديدة. وقال لولر: “الهدف هو منحهم فرصة للنجاح مع ضمان المحاسبة” – في إشارة إلى موازنة مساعدة القيادة السورية الجديدة مع عدم التغاضي عن السلوكيات الخطرة.
مشروع قانون لولر تضمن إبقاء العقوبات الذكية ضد الشخصيات والكيانات المرتبطة بالانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب وإنتاج المخدرات (مثل مخدر الكبتاغون)، ووضع شروط صارمة لأي رفع مستقبلي للعقوبات. من بين هذه الشروط إنهاء الهجمات على المدنيين وتوفير وصول إنساني منتظم للمناطق كافة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح للمنظمات الحقوقية بتفتيش السجون، إضافة إلى وقف استهداف الأقليات الدينية.
وينص القانون على أنه إذا حققت السلطات السورية تقدما ملموسا في هذه المجالات على مدار عامين متتاليين، يمكن عندئذ للولايات المتحدة رفع بعض العقوبات بشكل دائم. أما إن أخفقت في ذلك، فستظل العقوبات سارية حتى نهاية عام 2029. وقد شدد لولر على أن مشروعه “يوفر للإدارة المرونة لضبط موقفنا وفق الواقع الجديد، ويزوّد الكونغرس بالمعلومات اللازمة للتحرك”.
إضافة إلى العقوبات، دعم لولر خطوات لتعزيز الرقابة المالية على أي تعاملات مع سوريا. فقد دعا مشروعه وزارة الخزانة الأميركية إلى مراجعة أي استثناءات ممنوحة لـلمصرف التجاري السوري وتقييم تأثيرها على الأمن القومي. كما ألزم ممثلي واشنطن لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالضغط من أجل مراقبة الاقتصاد السوري ودعم جهود مكافحة غسيل الأموال فيه. ويأتي ذلك، بحسب لولر، لضمان أن عملية إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي في سوريا لا تمنح متنفسًا للنظام المخلوع أو حلفائه الإيرانيين والروس للاستفادة من دون إصلاحات.
تمت الموافقة عليه داخل لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب وهي خطوة أولى في مسار التشريع.
لا يزال المشروع بحاجة إلى المرور بمراحل إضافية:
مراجعة من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب التي لها اختصاص في العقوبات المتعلقة بسوريا.
التصويت عليه في الجلسة العامة لمجلس النواب.
ثم إحالته إلى مجلس الشيوخ.
وفي النهاية توقيع الرئيس عليه ليصبح قانونا.
العلاقة بجماعات الضغط والتأثير
يتقاطع نهج لولر في الشأن السوري مع مصالح عدة جماعات ضغط ومراكز أبحاث في واشنطن. يُنظر إليه كصوت مقرب من توجهات اللوبي المؤيد لإسرائيل فيما يخص سوريا، حيث يربط أمن إسرائيل باستراتيجية أميركية صارمة تمنع تمدد إيران في سوريا وتضمن عدم عودة الفوضى على حدود إسرائيل. وقد طرح لولر نفسه أيضًا كداعِم لاتفاقات إبراهيم الإقليمية.
في المقابل، واجه لولر انتقادات من بعض المنظمات السورية الأميركية التي رأت في نهجه تشديدا قد يطيل معاناة السوريين. فبعد تقديمه قانون العقوبات الجديد، أعربت مجموعة فريق الطوارئ السوري (وهي منظمة ضغط بارزة) عن رفضها ربط تخفيف العقوبات بشروط إضافية. وذكرت في بيان أن مشروع لولر “يعارض أجندة الرئيس ترامب المتمثلة في ‘إعطاء سوريا فرصة’ وجذب الاستثمارات على المدى الطويل”، في إشارة إلى أن إدارة ترامب كانت تميل إلى رفع أوسع للعقوبات لدعم الاستقرار السريع. بيد أن لولر دافع عن طرحه بالقول إنه حل وسط يمنح الحكومة مجالا للتنفس الاقتصادي وفي الوقت نفسه يحمي النفوذ الأميركي لضمان التزام دمشق بمسار إصلاحي. وقد تمكن من حشد تأييد بعض الديمقراطيين المعتدلين لمشروعه – مثل النائب جوش غوتهايمر وبراد شيرمان – ما عكس بعدًا ثنائيّ الحزبية في رؤيته لسوريا. هذا في حين عارضه جناحان متباينان: جناح محافظ رأى أنه يجب إلغاء جميع عقوبات سوريا فورا لمنح الفرصة كاملة للحكومة الجديدة، وجناح في الحزب الديمقراطي التقدمي يخشى أن تؤدي أي شروط إلى إبطاء تعافي الشعب السوري.