تعديل لا إلغاء: قيصر تحت المجهر الأميركي

وكالة أنباء آسيا

2025.07.23 - 09:43
Facebook Share
طباعة

 في تطور لافت في أروقة السياسة الأميركية، فتحت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الباب لتعديل "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا" بدلاً من إلغائه، بعد تصويت أفضى إلى تمرير مشروع قانون جديد تحت مسمى "قانون محاسبة العقوبات على سوريا"، بموافقة 31 نائباً مقابل 23 معترضاً.


هذا التحول يأتي في سياق متغيرات إقليمية ودولية، وضغوط داخلية متزايدة تعيد صياغة المواقف من السياسات العقابية التي أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد السوري، والمشهد الإنساني العام.


مشروع تعديل لا تفكيك كامل
مشروع القانون الجديد قدّمه السيناتور الجمهوري مايكل لاولر، رئيس اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس النواب، ويستهدف إجراء مراجعة شاملة للقيود المصرفية، وتعزيز إجراءات مكافحة غسل الأموال، إضافة إلى فرض معايير صارمة تتعلق بحقوق الإنسان.


المشروع ينص على تمديد فترة الإعفاء من العقوبات من 180 يوماً إلى عامين، ويفتح الباب لإلغاء قانون قيصر نهائياً إذا التزمت الحكومة السورية بالشروط المحددة لعامين متتاليين، أو بحلول نهاية عام 2029.


كما يُلزم المشروع الإدارة الأميركية بتقديم تقارير دورية إلى الكونغرس بشأن التسهيلات المقدمة لمصرف سوريا المركزي، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية والرقابة المالية.


انقسام داخل المجلس... وجدل سياسي
ورغم إقرار اللجنة للمشروع، إلا أن طريقه ما يزال طويلاً قبل أن يتحول إلى قانون نافذ، إذ يتطلب المرور عبر لجنة الشؤون الخارجية، ثم التصويت في مجلس النواب وأخيراً في الكونغرس كاملاً.


الجدل داخل الكونغرس لم يهدأ. فقد وصف السيناتور الجمهوري جو ويلسون المشروع بأنه "نهج غير مناسب"، معتبراً أن الإلغاء الصريح لقانون قيصر يتماشى أكثر مع سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب.


وأشار ويلسون إلى تعديل قدّمته النائبة الجمهورية ماكسين ووترز، التي دعت إلى إلغاء صريح للقانون، مؤكداً أن هذا النهج يحظى بدعم عدد من الجمهوريين داخل المجلس، بينهم ستة من الرعاة الأساسيين لمقترح إلغاء قيصر.


مواقف متباينة... ودور الجالية السورية
رغم أن مشروع لاولر قُدم على أنه يهدف لتحديث منظومة العقوبات، إلا أن خطابه السياسي حمل مضامين أوسع، من بينها حماية الأقليات، دعم الحريات الدينية، ومكافحة تجارة الكبتاغون، ما يشير إلى رغبة في توسيع نطاق التأثير السياسي والتشريعي للملف السوري داخل المؤسسات الأميركية.


التحرك الشعبي لم يتأخر. ففي الساعات الأخيرة قبيل التصويت، بذل نشطاء من الجالية السورية الأميركية جهداً منسقاً لإقناع بعض أعضاء اللجنة بالاعتراض على المشروع.


السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة، محمد علاء غانم، كشف عن اتصالات مباشرة جرت مع أعضاء اللجنة، أثمرت عن انضمام النائبة ماكسين ووترز إلى المعسكر المعارض، بل وتقديمها تعديل باسمها، فيما ساهمت النائبة رشيدة طليب بإدراج بيان رسمي للاعتراض ضمن محضر الجلسة، ما تسبب بمشادات كلامية أدت لتأجيل التصويت مؤقتاً.


السياق الإقليمي وتأثيره على القرار الأميركي
غانم أشار إلى أن توقيت طرح المشروع لعب دوراً في تقليص مساحة التحرك المعارض، إذ جاء مباغتاً قبل أيام فقط من التصويت. كما أن التطورات الأمنية الأخيرة في محافظة السويداء، وانعكاساتها على مواقف بعض النواب، دفعت عدداً منهم للتمسك بوجود أدوات ضغط إضافية ضد الحكومة السورية.


كل هذه العوامل تضافرت لتقليل احتمالات تشكيل جبهة اعتراض عريضة داخل المجلس، رغم الجهود التي بُذلت في اللحظات الأخيرة.


معركة لم تُحسم بعد
رغم أن مشروع القانون عبر أولى محطاته التشريعية، فإن المعركة لا تزال مفتوحة. فما زال أمامه اختبارات عدة في اللجان الأخرى وفي التصويت العام داخل الكونغرس، وهو ما يمنح المعارضين فرصة لإعادة ترتيب صفوفهم، والتأثير على مخرجات العملية التشريعية في مراحلها القادمة.


يبقى السؤال: هل سينجح هذا المشروع في تعديل مسار العقوبات الأميركية على سوريا، أم أنه سيكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة التجاذبات السياسية داخل واشنطن؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10