تحقيق رسمي يكشف حقائق صادمة عن أحداث الساحل

2025.07.22 - 04:24
Facebook Share
طباعة

 أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، اليوم الثلاثاء، نتائج تحقيقاتها بشأن التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة في مارس/آذار الماضي، عقب الهجوم الذي نفذته فلول من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وفي مؤتمر صحفي عقدته اللجنة في العاصمة دمشق، كشفت عن تفاصيل موسعة حول هوية المتورطين، وملابسات ما جرى، مع إحالة لوائح اتهام للنائب العام وتوصيات بالمضي قدمًا في مسار العدالة الانتقالية.

 

إحالة مشتبه بهم إلى القضاء
وأكدت اللجنة في بيانها أنها أحالت لائحتين من المشتبه بتورطهم في انتهاكات الساحل السوري إلى مكتب النائب العام، كما أوصت بملاحقة الفارين من العدالة، وتفعيل إجراءات العدالة الانتقالية، لضمان محاسبة كل من تورط في الانفلات الأمني والانتهاكات التي طالت مدنيين وعسكريين.

وكانت اللجنة قد سلمت تقريرها إلى الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأحد الماضي، وأوضحت عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنها أنشئت بقرار رئاسي لضمان شفافية المسار الوطني، ومنع أي محاولات للتغطية على ما حدث أو إخفاء الحقيقة.

وقد طلبت الرئاسة من اللجنة عقد مؤتمر علني لعرض نتائج التحقيق إن رأت ذلك مناسبًا، وهو ما حصل اليوم.

 

أبرز ما كشفته نتائج التحقيق
وخلال المؤتمر، كشفت اللجنة عن عدد من المعلومات التي اعتُبرت بالغة الخطورة، من أبرزها:

مقتل 238 عنصرًا من قوات الأمن العام والجيش على يد فلول النظام السابق خلال الهجمات.

توصلت اللجنة إلى أسماء 265 من المشتبه بضلوعهم في أعمال العنف والانتهاكات.

تم توثيق 298 شخصًا ثبت تورطهم المباشر في ارتكاب انتهاكات خلال الأحداث.

حاولت فلول النظام السيطرة على مناطق في الساحل السوري بهدف إقامة كيان انفصالي أو ما يشبه "دويلة".

تأخر إعلان نتائج التحقيق بسبب تزامن الأحداث مع توترات أمنية متزامنة في جنوب البلاد.

 

الطبيعة غير المنظمة للانتهاكات
وبحسب اللجنة، فإن الانتهاكات التي حصلت خلال الأحداث لم تكن منظمة بالمعنى الكلاسيكي، بل اتسمت بـ"الفوضوية والسلوك الفردي الانتهازي" في حالات عديدة، مشيرة إلى أن:

بعض المتورطين شكلوا عصابات نهب وسلب استغلت الانفلات الأمني.

آخرين انتحلوا صفات أمنية أو عسكرية لتحقيق مكاسب خاصة أو تنفيذ أجندات محلية.

الدوافع الطائفية التي ظهرت في سياق الأحداث لم تكن ذات طابع أيديولوجي، بل حملت طابعًا ثأريًا ومناطقيًا، وفق ما أظهرته إفادات الشهود والتحقيقات الميدانية.

وأكدت اللجنة أن بعض العائلات أفادت بأن فلول النظام استخدمت مناطقها كمنصات للاعتداء على عناصر الأمن والمؤسسات الرسمية، وهو ما فاقم من تعقيدات المشهد وأدى إلى ردود فعل واسعة.

 

حالات اختفاء وخرق للأوامر العسكرية
ومن بين ما وثقته اللجنة، ورود معلومات مؤكدة عن 20 حالة اختفاء، من بينهم مدنيون وأفراد من القوات النظامية، لا يزال مصيرهم مجهولًا حتى الآن.

كما أشارت إلى أن بعض العسكريين خالفوا الأوامر الرسمية وشاركوا في انتهاكات ميدانية خارج نطاق القانون، مؤكدة أن تلك الأفعال تخضع للتحقيق والمحاسبة القانونية ضمن المؤسسة العسكرية.

 

جهود رسمية لضبط الوضع
وبحسب اللجنة، فقد بذلت الدولة السورية جهودًا حثيثة خلال فترة الأحداث لاحتواء الفوضى ومنع توسع الانتهاكات، وتمكنت من توقيف عدد من المتورطين في الميدان خلال الأسابيع التالية للهجمات، رغم أن سيطرتها خلال تلك الفترة كانت جزئية في بعض المناطق المتأثرة.

وأكدت اللجنة أن أولوية عملها كانت ضمان ألا تمر الجرائم دون مساءلة، وهو ما يتطلب دعمًا رسميًا وشعبيًا لاستمرار مسار العدالة الانتقالية.

 

توصيات ختامية: لا إفلات من العقاب
وفي ختام مؤتمرها، شددت اللجنة على ضرورة تنفيذ توصياتها المرفقة بالتقرير النهائي، وأهمها:

ملاحقة الفارين من العدالة وتقديمهم للمحاكمة.

عدم السماح لأي طرف باستخدام الوضع الأمني ذريعة لفرض نفوذ أو إنشاء كيانات موازية.

تفعيل المحاسبة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية لأي عنصر يثبت تورطه في انتهاكات.

إنشاء آلية وطنية مستقلة لرصد الانتهاكات والتعامل معها بشفافية.

استمرار تقديم الدعم لعائلات الضحايا والمفقودين، والكشف عن مصير المغيبين.

 

تأتي نتائج هذا التحقيق في وقت حساس تمر به سوريا، حيث تحاول الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع إثبات التزامها بالشفافية، وتعهدها بقطع الطريق على عودة ممارسات النظام السابق، الذي ما زالت فلوله تُتهم بمحاولات زعزعة الأمن، خصوصًا في مناطق الساحل ذات التركيبة الحساسة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9