في مشهد إنساني مفجع يتفاقم يومًا بعد يوم، تواصل المجاعة حصد أرواح المدنيين في قطاع غزة، حيث حذّرت مصادر طبية وحقوقية من خطر موت جماعي، لا سيما بين النساء والأطفال، نتيجة الجوع وسوء التغذية وانعدام الماء الصالح للشرب.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، عن استشهاد طفلين جراء الجوع والجفاف، في وقت بلغ فيه عدد ضحايا المجاعة أكثر من 900 شخص، بينهم عشرات الأطفال. كما تم توثيق وفاة 20 شخصًا خلال الـ48 ساعة الماضية فقط بسبب التجويع المتعمد، وسط عجز تام في المرافق الصحية ونقص حاد في الغذاء والماء.
في الوقت نفسه، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والنازحين، حيث قُتل 23 فلسطينيًا منذ فجر الثلاثاء في سلسلة غارات عنيفة، أبرزها مجزرة مروعة طالت خيام النازحين في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتي أسفرت عن استشهاد 13 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لمصادر طبية في مستشفى الشفاء.
وشهدت مناطق متفرقة من القطاع، بما فيها دير البلح وحي التفاح وشرق جباليا، قصفًا جويًا ومدفعيًا مكثفًا أوقع العديد من الضحايا والمصابين، بينما تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية في وسط القطاع، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتدهور.
وصرّح مدير الإغاثة الطبية في غزة بأن "القطاع دخل مرحلة الخطر الحقيقي من المجاعة، ونتوقع وقوع وفيات جماعية في صفوف النساء والأطفال خلال الأيام المقبلة"، مشيرًا إلى أن أكثر من 60 ألف امرأة حامل يعانين من سوء التغذية الحاد في ظل غياب الرعاية الصحية الأساسية.
من جانبه، حذّر المتحدث باسم بلدية غزة من تفاقم أزمة العطش، موضحًا أن الفرد لا يحصل سوى على أقل من 5 ليترات يوميًا فقط لكافة احتياجاته، بما في ذلك الشرب والطهي والنظافة، في حين أن الآبار المحلية لا تلبي سوى 12% من احتياجات السكان.
ويأتي هذا التدهور الإنساني في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق الذي يعيق إدخال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والمياه والأدوية، وسط صمت دولي يثير قلق منظمات الإغاثة.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت سابقًا أن عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قد تجاوز 59 ألفًا، فيما تجاوز عدد المصابين 142 ألفًا، أغلبهم من المدنيين والنازحين، الذين يدفعون ثمن الحرب الممنهجة على السكان.
ومع تفاقم الأزمة، تطالب جهات إنسانية ودولية بفتح ممرات آمنة فورية لإدخال الغذاء والماء، وإنهاء سياسة التجويع التي تُستخدم كسلاح ضد المدنيين. فالمشهد في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل كارثة إبادة جماعية تهدد حياة الملايين في وضح النهار.