غارات مكثفة بقطاع غزة والمجاعة تفتك بالسكان

2025.07.21 - 11:18
Facebook Share
طباعة

 في اليوم الـ654 من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، يعيش سكان القطاع فصلاً أكثر قسوة من فصول الحرب، حيث بات الجوع سلاحًا موازٍ للقصف، يحصد أرواح المدنيين بصمت وفتك لا يقلّ عن دمار القنابل.

فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة 19 شخصًا خلال الـ24 ساعة الماضية بسبب الجوع، بينهم الطفلة رزان أبو زاهر البالغة من العمر أربعة أعوام، والتي قضت نصف حياتها في ظل حرب لم تهدأ، لتضاف إلى قائمة مأساوية تضم حتى الآن 70 طفلًا ارتقوا نتيجة المجاعة منذ بدء الحرب.

وبينما يسقط الضحايا بفعل التجويع الممنهج، يستمر العدوان الإسرائيلي، إذ أفادت مصادر طبية باستشهاد 17 فلسطينيًا وإصابة آخرين في غارات شنتها قوات الاحتلال منذ فجر اليوم على مناطق متفرقة من القطاع، معظمهم كانوا يسعون للحصول على المساعدات الغذائية.

وفي سياق متصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن ما يتعرض له سكان غزة يمثل "كارثة إنسانية"، مشيرًا إلى أن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين يعدّ جريمة حرب. وأضاف المكتب في بيان رسمي أن الأطفال في غزة يعانون من الهزال الحاد، وبعضهم يموت قبل أن تصل إليهم المساعدات.

الرد الإسرائيلي على البيان الأممي لم يتأخر، إذ أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن عدم تجديد تأشيرة إقامة رئيس مكتب أوتشا في الأراضي الفلسطينية، جوناثان ويتال، في خطوة فسرت على أنها انتقام دبلوماسي من الموقف الأممي.

جوع يقتل وعيون العالم تراقب

باتت مشاهد الموت جوعًا مادة يومية على منصات التواصل الاجتماعي، توثق معاناة سكان غزة في ظل الحصار المطبق ومنع إدخال المواد الغذائية والطبية منذ أكثر من أربعة أشهر.
تداول الناشطون مقاطع مؤلمة، من بينها مشهد لطفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها تأكل الرمال بجوار خيمة نزوح شمال مدينة غزة، مستخدمة حجرًا صغيرًا كملعقة في مشهد يجسد المأساة بأبشع صورها.

وفي مشهد آخر لا يقل قسوة، وثّق ناشطون والدًا مفجوعًا يبكي بحرقة طفله الذي استشهد برصاص قناص إسرائيلي أثناء محاولته الوصول إلى مساعدات غذائية في منطقة زكيم شمال القطاع، في ظل غياب أي ممرات آمنة أو نظام لتوزيع الإغاثة.

ووثّقت وفاة الشاب المعاق محمد السوافيري نتيجة تدهور حالته الصحية بسبب سوء التغذية، ما يشير إلى عمق الأزمة التي باتت تطال الفئات الأضعف في المجتمع الغزي.

إدانة أممية واتهامات بالنازية الجديدة

فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، شجبت الوضع القائم، واصفة تجويع المدنيين وقتل الأطفال في غزة بأنه "نموذج حديث للوحشية الشبيهة بالنازية". وكتبت على منصة "إكس" أن "جيلاً بأكمله يُقتل تحت سمع وبصر العالم، دون أن تتحرك القوى الكبرى لإيقاف هذه الجريمة الجماعية".

كما نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان صورة لرضيع تُوفي من الجوع، وبرزت ضلوعه من شدة الهزال، وقال في تعليقه: "الرضيع يحيى، البالغ من العمر 3 أشهر فقط، هو الضحية الـ75 لسياسة التجويع الإسرائيلية".

رئيس المرصد، رامي عبده، بدوره نشر مقاطع مصورة لأهالي غزة وهم ينهارون على الأرض من شدة الجوع، في ظل استمرار الحصار الخانق وغياب أي استجابة دولية فعلية لكسر الحصار أو فتح المعابر.

حصار محكم ومجزرة مستمرة

منذ الثاني من مارس/آذار 2025، أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، بما فيها كرم أبو سالم ورفح، وتمنع دخول أي مساعدات إنسانية أو غذائية أو طبية، ما تسبب في تفشي المجاعة بشكل واسع.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن سياسة الحصار والتجويع الإسرائيلية أدت حتى الآن إلى استشهاد 86 فلسطينيًا بسبب سوء التغذية، بينهم 76 طفلًا، معتبرة ما يحدث "مجزرة صامتة" تُمارس بحق سكان القطاع.

وتشهد نقاط توزيع المساعدات، القليلة جدًا، حالات من الفوضى والتدافع، وغالبًا ما تكون ساحة مكشوفة للنيران الإسرائيلية، التي تستهدف من يقترب من تلك المناطق، كما حدث في عدة مواقع شهدت سقوط شهداء أثناء محاولتهم الحصول على كيس طحين أو وجبة طعام.

الضمير الإنساني على المحك

مع اقتراب الحرب على غزة من عامها الثاني، يواجه المجتمع الدولي اختبارًا حاسمًا في قدرته على منع استمرار مجازر صامتة ترتكب في وضح النهار، وسط بيانات إدانة لا تتجاوز حدود الورق، بينما يواصل الفلسطينيون في القطاع معركتهم اليومية ضد الجوع والرصاص، في وقت بات فيه صمت العالم أحد أدوات القتل.

ففي غزة، لم تعد الغارات وحدها تقتل، بل الجوع أيضًا أصبح سلاحًا ممنهجًا في معركة لا تميّز بين رضيع وشيخ، وطفلة تتناول التراب وأخرى تستسلم للهزال. وبينما ينتظر الملايين موقفًا حاسمًا من المجتمع الدولي، يستمر الزمن في قطاع محاصر بقيود الاحتلال وخذلان العالم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4