"دم السوري على السوري حرام" .. نداء من الجنوب للضمير الوطني

وكالة أنباء آسيا

2025.07.20 - 12:09
Facebook Share
طباعة

 في ظل تصاعد دوامة العنف في الجنوب السوري، تعالت أصوات من قلب الأزمة تُحرم الدم السوري وتدعو إلى وقف الاحتراب الداخلي. هذه المرة، لم تكن الرسالة مؤسسية أو صادرة عن جهة رسمية، بل جاءت صريحة ومجردة من التعقيد من فنانين وناشطين ومثقفين من درعا والسويداء والقنيطرة، حملت عبارة واحدة فقط: "دم السوري على السوري حرام".

هذا النداء الذي وقّع عليه أكثر من 200 شخصية عامة من مختلف أطياف المجتمع المحلي، يعكس حجم الألم والانقسام الذي تعيشه هذه المناطق، كما يعكس حاجة حقيقية لصوت العقل في لحظة تهدد فيها نيران الفتنة بابتلاع ما تبقى من النسيج الوطني.

البيان، رغم بساطته، أتى في توقيت بالغ الحساسية، بعد أيام من التوتر المتصاعد والاشتباكات بين فصائل محلية وعشائرية في محافظة السويداء، والتي خلّفت قتلى وجرحى وتسببت بموجة نزوح داخلية وتدهور إنساني واسع. الموقعون اختاروا كلماتهم بعناية، فليس هناك وقت للبيانات الطويلة أو الخطابات السياسية، بل كان المطلوب رسالة موحدة تخترق الصمت وتُذكّر بهوية الناس المشتركة وبأن العدو الحقيقي ليس في الداخل.

يتناغم هذا البيان مع موقف ديني صدر مؤخراً عن مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا، والذي أكد بدوره على حرمة الدم السوري، خصوصًا عندما يُستباح باسم الطائفة أو العرق أو المصالح الخارجية. المجلس طالب بوقف استهداف المدنيين والأطفال وحرّم الاستقواء بالخارج، داعيًا للتمييز بين الخصومة السياسية والخيانة الوطنية.

ورغم هذه الأصوات التي تسعى لرأب الصدع، يبدو أن الواقع الميداني لا يزال بعيدًا عن الاستجابة. الاشتباكات في السويداء مستمرة منذ أكثر من أسبوع، ومعارك الكرّ والفرّ تتجدد في أكثر من نقطة، ما يهدد بفتح باب لحرب أهلية محلية، لا غالب فيها ولا منتصر، بل فقط مزيد من الدمار والانقسام.

في موازاة ذلك، أطلق ناشطون وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان السوري في دمشق، تحت الشعار ذاته: "دم السوري على السوري حرام". كانت وقفة صامتة ترجو الحياة لا المواجهة، لكنّها قوبلت بالعنف، حين اعتدى أشخاص مجهولون على المعتصمين مستخدمين العصي والأسلحة البيضاء، في مشهد مؤلم يعكس كيف تحوّل حتى التعبير السلمي إلى فعل محفوف بالخطر.

في خضم هذا التدهور، تبذل منظمات إنسانية محلية وجهات دفاع مدني جهودًا متواصلة لإدخال مساعدات إنسانية وإجلاء المدنيين من مناطق الاشتباكات، غير أن قوافل المساعدات ما زالت متوقفة عند المعابر، بانتظار ضمانات تسمح لها بالعبور الآمن.

الوضع في الجنوب لم يعد مجرد أزمة محلية، بل بات اختبارًا أخلاقيًا لوحدة سوريا ومستقبلها. ففي وقت تحاول فيه بعض القوى إعادة رسم المشهد السياسي، تبقى هذه الدعوات الإنسانية والأخلاقية بمثابة صرخة ضمير ترفض أن يكون الدم السوري وقودًا لصراعات عبثية لا تنتهي.

من الجنوب السوري، حيث السهل يلاقي الجبل، هناك من لا يزال يراهن على لغة السلام والمصالحة. وهناك من يصر على أن ما يجمع السوريين أكبر بكثير مما يفرقهم، وأن الوطن لا يُبنى على أنقاض أحقاد داخلية، بل على أساس الكرامة، والعدالة، والعيش المشترك.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5