حكمت الهجري: مسيرة معقدة بين الدين والسياسة في السويداء

2025.07.16 - 12:13
Facebook Share
طباعة

 برز خلال العقد الأخير اسم حكمت الهجري كأحد أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، حيث انتقل دوره من المرجعية الروحية للطائفة الدرزية إلى لاعب رئيسي في المشهد السياسي والاجتماعي المحلي. شهدت مسيرته تحولات بارزة، بدأت بالحياد، مرّت بالاصطفاف مع النظام السابق، ثم تحوّلات نحو انتقاد سياسات الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد سقوط النظام في نهاية عام 2024.


ولد الهجري عام 1965 في فنزويلا، حيث كان والده يعمل في التجارة، قبل أن تعود العائلة إلى السويداء. تلقى تعليمه في مدارس المحافظة ثم انتقل إلى دمشق لدراسة الحقوق، وتخرج في عام 1990. بعد فترة من العمل في فنزويلا، استقر في بلدة قنوات بريف السويداء، وهي مركز الزعامة الروحية للطائفة الدرزية.


في عام 2012، تولى الهجري منصب شيخ العقل للطائفة الدرزية، خلفاً لشقيقه الذي توفي في حادث سير. هذا المنصب، الذي يحمل رمزية دينية كبيرة، جاء في ظل انقسام بين ثلاث مرجعيات دينية في المحافظة، حيث تنافس الهجري مع شخصيات أخرى على النفوذ الروحي والاجتماعي.


مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تبنى الهجري في البداية موقفاً متحفظاً، لكنه سرعان ما أبدى دعماً لنظام الأسد، مؤكداً على وحدة الصف مع الجيش السوري في مواجهة المجموعات المسلحة. خلال تلك الفترة، عمل على تعزيز تحالفاته مع النظام، وشارك في جهود تسليح الطائفة الدرزية وتشكيل فصائل محلية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وذلك في ظل تصاعد النزاعات المسلحة.


لكن مع مرور الوقت، بدأت مواقف الهجري تشهد تقلبات ملحوظة. بعد حادثة إهانة تعرض لها من قبل ضابط في الأمن العسكري للنظام عام 2021، نشأ توتر بينه وبين السلطات، ما أدى إلى موجة غضب محلية واعتذار رسمي. هذه الحادثة كانت نقطة تحول، إذ بدأ بعدها يعبر علناً عن انتقادات لسياسات النظام، داعياً إلى التغيير وإلى تحقيق مطالب المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع في السويداء مطالبين بالإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية.


في عامي 2023 و2024، ازدادت احتجاجات السويداء واتسعت رقعتها، وبرز الهجري كصوت داعم للحراك المدني، داعياً إلى التظاهر السلمي ورفض الدعوات للتهدئة التي صدرت من بعض المسؤولين. لم يقتصر دوره على التعبير عن المطالب، بل شارك في لقاءات واتصالات مع جهات دولية معنية، بحث خلالها دعم الاستقرار وحماية المدنيين ومكافحة الجريمة المنظمة في المنطقة.


بعد سقوط النظام السابق في نهاية 2024، شهدت العلاقة بين الهجري والحكومة الجديدة توتراً متزايداً، خاصة مع محاولات الحكومة للحد من نفوذه وتقليل دوره في القرار المحلي. في حين تم التركيز على شخصيات أخرى في السويداء، شعر الهجري بالعزلة والتهميش السياسي، خصوصاً في ظل محاولات دمج الفصائل المحلية ضمن الأجهزة الأمنية والجيش، والتي شهدت دعمًا من الحكومة لمنافسين له.


وأعلن الهجري رفضه لمخرجات بعض المؤتمرات السياسية الحكومية، وناشد المجتمع الدولي للتدخل لضمان انتقال سياسي عادل، مبدياً استعداده للوقوف ضد أي إجراءات يراها تهدف إلى إضعاف حقوق أبناء الطائفة والمدينة.


يعكس مسار حكمت الهجري تعقيدات المشهد السياسي والديني في السويداء، حيث تتداخل الأدوار الدينية والاجتماعية مع تحولات السلطة وتوازنات النفوذ بين مختلف الأطراف المحلية والإقليمية. يظل الهجري شخصية محورية في فهم ديناميكيات هذه المحافظة، التي تواجه تحديات متصاعدة في ظل تغيرات سياسية وأمنية عميقة، وسط تساؤلات عن مستقبل دور المرجعيات الدينية وتأثيرها على السلم الأهلي والاستقرار في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6