أزمة مياه حادة تهدد الاستقرار المعيشي في القامشلي

سامر الخطيب

2025.07.14 - 11:32
Facebook Share
طباعة

 في قلب صيفٍ لاهب، ومع تصاعد درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة، تعيش مدينة القامشلي شمال شرق سوريا أزمة مياه خانقة تهدد الاستقرار المعيشي والصحي لعشرات آلاف السكان. فالأحياء السكنية الممتدة على أطراف المدينة ووسطها تعاني من انقطاع شبه كامل لمياه الشرب منذ أسابيع طويلة، فيما لا تلوح في الأفق بوادر حل جذري، مما يفاقم حالة القلق الشعبي ويدفع المواطنين إلى مطالبة الجهات المعنية بتحركات عاجلة.


العطش في زمن الحرارة الشديدة
الأزمة بدأت بشكل تدريجي منذ بداية الصيف، لكنها تصاعدت بشكل حاد خلال الأسابيع الماضية، لتبلغ ذروتها مع تسجيل موجات حر قوية أنهكت الأهالي وأثقلت كاهلهم بمزيد من الأعباء. تتحدث العديد من العائلات عن غياب الضخ المنتظم للمياه منذ أكثر من شهرين، ما اضطرها للاعتماد على صهاريج خاصة لتأمين كميات محدودة من المياه، بأسعار تجاوزت في كثير من الأحيان ضعف التسعيرة الرسمية.


وتشير شهادات الأهالي إلى أن سعر تعبئة برميل المياه بات يتراوح بين 60 و70 ألف ليرة سورية، مقابل تسعيرة رسمية لا تتجاوز 30 ألفاً، في ظل غياب الرقابة الفعالة والارتفاع المستمر في درجات الحرارة، التي جعلت من تأمين المياه أولوية حياتية قصوى. ومع الارتفاع الحاد في التكاليف، أصبحت المياه عبئاً اقتصادياً إضافياً على الأسر التي تعاني أساساً من أزمات معيشية متفاقمة.


أسباب متعددة والنتيجة واحدة: الجفاف
تعود جذور الأزمة إلى جملة من الأسباب المتداخلة، تتصدرها مشكلة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، والذي يشل عمل محطات الضخ بشكل شبه تام. هذا الانقطاع الكهربائي الحاد تفاقم بعد العاصفة الغبارية الأخيرة التي ضربت المنطقة وعطلت الشبكات لأكثر من شهرين، دون أن تتمكن فرق الصيانة من إعادة الأمور إلى طبيعتها بالسرعة المطلوبة.


بالإضافة إلى ذلك، يعاني قطاع المياه في القامشلي من بنية تحتية متهالكة وسوء في إدارة عمليات التوزيع، حيث تُمنح بعض المواقع والمؤسسات أولوية في الضخ على حساب الأحياء السكنية، مما يخلق شعوراً بالتمييز والإهمال بين السكان. وتُضاف إلى هذه العوامل أزمة المياه الكبرى في نهر الفرات، حيث تسبب حبس تركيا للمياه في انخفاض كميات المياه المتاحة لتوليد الكهرباء، ما انعكس بدوره سلباً على عمل مضخات المياه في مختلف أنحاء المنطقة.


محاولات إسعافية بطيئة
رغم خطورة الوضع، تبدو الإجراءات المتخذة حتى الآن غير كافية. فهناك حديث عن مشروع لحفر نحو 20 بئرًا جديدًا كحل إسعافي لتوفير المياه، إلا أن وتيرة العمل بطيئة جداً، ولا تتناسب مع حجم الأزمة المتصاعدة يوماً بعد يوم. وبينما تستمر معاناة الأهالي، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة الجهات المسؤولة على إدارة الأزمة بكفاءة، وتوفير موارد بديلة أو حلول مبتكرة تضمن حق الناس في الماء.


من أزمة طارئة إلى واقع مزمن
يرى العديد من سكان القامشلي أن أزمة المياه لم تعد مجرد حالة استثنائية مرتبطة بالصيف أو بالكهرباء، بل تحوّلت إلى واقع يومي مرير يعكس عمق الأزمة الخدمية والإدارية في المدينة. هذا التحول من الظرف الطارئ إلى الحالة المزمنة يكشف عن ضعف في التخطيط وغياب استراتيجيات استباقية للتعامل مع الأزمات المتكررة، خاصة في قطاع حيوي كالمياه.


مطالب شعبية لا تحتمل التأجيل
في ظل هذا المشهد المقلق، تتعالى أصوات الأهالي للمطالبة بحلول فورية تتجاوز الوعود المؤجلة والخطط الورقية. ويؤكد الكثيرون على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان تأمين المياه لجميع الأحياء بشكل عادل، وإلزام أصحاب الصهاريج بالتسعيرة الرسمية، وفرض رقابة صحية صارمة على جودة المياه الموزعة. كما يُطالب السكان بتفعيل دور البلديات والمؤسسات الخدمية المحلية، ورفع مستوى التنسيق بينها وبين الجهات الداعمة لمشاريع البنية التحتية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1