تنظيم الدولة يهاجم الشرع

رزان الحاج

2025.07.12 - 12:30
Facebook Share
طباعة

 شنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" هجومًا حادًا على القيادة السورية الانتقالية، متهمًا الرئيس الجديد أحمد الشرع بتقديم "تنازلات استراتيجية" للولايات المتحدة، في إطار مساعٍ لإعادة رسم العلاقة بين سوريا والمجتمع الدولي.

الاتهامات جاءت في سياق حملة إعلامية مكثفة يقودها التنظيم، مستنكرًا ما وصفه بـ"مقايضة المبادئ بالمكاسب السياسية"، عقب إعلان واشنطن رفع اسم الحكومة السورية الجديدة، وهيئاتها التنفيذية والعسكرية، عن قوائم الإرهاب، في خطوة اعتُبرت مفصلية في إعادة تأهيل النظام السياسي في دمشق.

ووفق ما تروّج له وسائل التنظيم، فإن هذا التقارب بين دمشق وواشنطن لم يكن مجانيًا، بل جاء - حسب تعبيرهم - "مقابل أثمان باهظة"، من بينها تسهيلات أمريكية للوصول إلى الموارد الاستراتيجية داخل سوريا، وتسليم جثامين ومعلومات حساسة عن ملفات قديمة، تتعلق بجنود أمريكيين وإسرائيليين فُقدوا خلال عقود من الصراع.

وفي واحدة من أكثر المزاعم حساسية، تحدث التنظيم عن دور مفترض للرئيس الشرع في الكشف عن مواقع مخزونات الأسلحة الكيميائية، معتبرًا أن هذه الخطوة تهدف إلى تجنيب هذه الأسلحة الوقوع بيد جهات غير مرغوب بها، في إشارة ضمنية إلى التنظيمات المسلحة.

لا يقف الهجوم عند حدود الاتهامات الأمنية، بل يتعداه إلى الطعن في شرعية المشروع السياسي الحالي، عبر تسليط الضوء على زيارة سابقة أجراها الرئيس الشرع إلى الرياض، ولقائه العلني بالرئيس الأمريكي. لقاء اعتبره التنظيم دليلاً على "الانخراط الكامل في المشروع الغربي" و"تخلٍّ عن الثوابت الإسلامية"، حسب وصفهم.

في السياق نفسه، حاول الخطاب المتشدد رسم مشهد قطبي جديد في المنطقة، يصور ما يجري على أنه صراع بين محورين: الأول تقوده الولايات المتحدة وتضم إليه الإدارة السورية الجديدة، والثاني تمثله روسيا التي أعلنت سابقًا اعترافها بحكم "طالبان" في أفغانستان. ومن هذا المنظور، يرى التنظيم أن رفع التصنيف عن سوريا ما هو إلا جزء من سباق دولي للهيمنة على المناطق الخارجة من الصراع.

ومن اللافت أن الحملة الإعلامية الأخيرة ليست الأولى من نوعها. فالتنظيم سبق أن هاجم الشرع في مناسبات سابقة، إلا أن تصاعد حدة الخطاب، وتزامنه مع تغيرات دبلوماسية كبيرة، يعكس توترًا عميقًا لدى التنظيم، الذي بدأ يفقد أوراقه على الأرض والشرعية التي كان يدعيها في الفضاء الأيديولوجي.

أما الواقع الجديد في سوريا، فبات يفرض ديناميكيات مختلفة. فبينما تحاول الحكومة الانتقالية إعادة تموضعها إقليميًا ودوليًا، يقف خصومها في خانة الاتهام والتشكيك، في محاولة لإرباك هذا التحوّل وإضعاف رمزيته أمام الداخل السوري والخارج.

ومع انفتاح الأبواب أمام حوارات دولية ومصالحات إقليمية، تبدو محاولات التنظيم للعودة إلى الواجهة عبر التحريض أو التشويه مجرد صدى خافت في مرحلة تتشكل بعيدًا عن سطوته السابقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1