د.اعـ ـش في سوريا الجديدة: حصار وعزلة

سامر الخطيب

2025.07.12 - 12:11
Facebook Share
طباعة

 مع سقوط النظام السوري بعد سنوات من الصراع، دخلت البلاد مرحلة جديدة من الغموض والتحديات، كان من أبرز ملامحها التحولات الحادة في مشهد التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). فبعكس ما حدث في مراحل الفوضى السابقة، لم يجد التنظيم في الانهيار الأخير للدولة بيئة خصبة للتمدّد، بل واجه واقعًا مختلفًا تمامًا كشف عن هشاشته البنيوية وضعف قدراته الفعلية.


تضييق الخناق المالي والحركي
فقد التنظيم جزءًا كبيرًا من قدرته على التمويل والتحرك، نتيجة تطور الوعي الأمني لدى القوى المحلية، إلى جانب استمرار الرقابة الدولية المشددة على قنوات التمويل والتحويلات غير الرسمية. ولم يعد بإمكان عناصره التنقل بسهولة أو التمركز في مناطق مأهولة، مع تصاعد حالة الرفض الشعبي والوعي المجتمعي. فالخوف من عودة فصول الظلام السابقة جعل السكان أكثر يقظة وتعاونًا في الإبلاغ عن أي تحرك مريب.


الضربات الاستباقية أربكت بنيته
منذ سقوط النظام، كثّفت القوى العسكرية المحلية والدولية عملياتها الاستباقية ضد بقايا التنظيم، مستفيدة من الفراغ الأمني لإعادة ترتيب الأولويات، وكان من الواضح أن القضاء على الخلايا النائمة أحد أهم هذه الأولويات. عشرات العمليات نفذت في مناطق متفرقة، واستهدفت قيادات ميدانية وخبراء تخطيط، ما أدى إلى تفكك البنية القيادية وتراجع قدرة التنظيم على إدارة عملياته أو التنسيق بين مجموعاته.


المجتمع يرفض التكرار
في السنوات الماضية، خلّف وجود التنظيم في بعض المناطق دمارًا اجتماعيًا ونفسيًا واقتصاديًا لا يُنسى، وهو ما خلق مناعة شعبية ضد أي محاولات للعودة. هذه المرة، لم يجد التنظيم من يستقبله، بل واجه صدًّا شعبيًا واسعًا، مدعومًا بمبادرات توعوية وحملات مدنية ترفض الفكر المتشدد، وتُعلي من شأن المصالحة والاستقرار والتعايش. المواطنون، وقد عايشوا التجربة القاسية، لم يعودوا يثقون بأي شعارات دينية تتستر خلف السلاح والعنف.


دعاية بلا جمهور
حتى إعلاميًا، تراجعت قوة التنظيم. لم تعد لديه القدرة على إنتاج المواد المرعبة أو استعراض السيطرة كما في السابق، بل بات يعتمد على تضخيم بعض الهجمات الصغيرة أو إعادة تدوير أخبار قديمة لإيهام أنصاره بالحيوية. لكن هذه الدعاية فقدت تأثيرها، إذ أن الوعي المجتمعي أضحى أكثر نضجًا، والجمهور لم يعد يتلقى هذه الرسائل بنفس القابلية السابقة.


مسؤولية جماعية لمواجهة التهديد
رغم هذا الانحسار، لا تزال احتمالية التهديد قائمة، فالفكر المتطرف لا ينتهي بالضربات الأمنية وحدها، بل يتطلب جهدًا وطنيًا متكاملًا على المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية. وهذا يفرض على الجميع، من فعاليات مدنية وقادة مجتمعات ومؤثرين، أن يبقوا على درجة عالية من التنسيق واليقظة، حتى لا تتكرّر المأساة، ولا يُعاد إنتاج الكارثة تحت مسميات جديدة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 10