شهد ريف حمص الغربي تطوراً لافتاً تمثل في إزالة حاجز عسكري معروف محلياً باسم "حاجز هرقل"، بعد شهور من الاحتقان الشعبي المتصاعد بسبب تجاوزات قيل إنها طالت عدداً كبيراً من المدنيين في القرى المجاورة، خصوصاً من أبناء الطائفة العلوية.
جاءت هذه الخطوة بعد موجة من التذمر الشعبي الذي عبّر عنه سكان عدة قرى في المنطقة، إثر تراكم الانتهاكات التي نُسبت لعناصر الحاجز، وتنوعت بين فرض إتاوات على المتاجر، مصادرة الممتلكات، التوقيف العشوائي، وعمليات وصفها البعض بأنها ترقى إلى الابتزاز أو الإهانة. وتزايدت وتيرة هذه الشكاوى على مدار الأشهر الماضية، دون وجود استجابة فورية، إلى أن تم اتخاذ قرار الإزالة مؤخراً، بحسب المرصد السوري.
إزالة الحاجز أُحيطت بجملة من ردود الأفعال المتباينة، ففي حين اعتبرها البعض استجابة طال انتظارها لمطالب السكان، أعرب آخرون عن قلقهم من الفراغ الأمني الذي قد تتركه هذه الخطوة، خاصة في ظل توتر متقطع شهدته بعض المناطق المحاذية التي تملك خلفيات طائفية مختلفة. وفي هذا السياق، جرى التواصل بين عدد من الوجهاء المحليين ومسؤولين أمنيين لمناقشة سبل حماية المنطقة من أي اختراق محتمل، مع تكرار الحديث عن "خطر العناصر المتشددة" في المناطق القريبة.
المخاوف الأمنية التي طُرحت في أعقاب الإزالة لم تكن جديدة، بل تعكس مشهداً مركباً تعيشه المنطقة منذ سنوات، نتيجة خلفيات الحرب وتعقيداتها الاجتماعية. وفي ظل هذا الواقع، برزت تساؤلات مشروعة حول فعالية الأجهزة الأمنية في توفير بدائل حقيقية لحماية السكان، دون الاعتماد على ممارسات فردية تتسبب أحياناً في تعميق الشرخ بين الدولة والمجتمع المحلي.
في موازاة ذلك، أشارت مصادر أهلية من عدة قرى، أبرزها حداثة ومجيدل، إلى أن المعاناة مع الحاجز كانت طويلة ومثقلة بالمواقف اليومية المزعجة، من تفتيشات تعسفية إلى مضايقات لأصحاب السيارات والمحال. كما تزايدت حدة الاستياء في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد ما اعتبره السكان "تجاوزاً للحدود المقبولة"، ما جعل مطلب إزالة الحاجز يتحوّل إلى مطلب عام واسع الانتشار.
ويأتي هذا التطور ضمن سياق أوسع من محاولات التهدئة في المنطقة، في ظل الحديث عن جهود جديدة لتبريد الأوضاع، والحد من الاحتقان الاجتماعي الذي تصاعد مؤخراً، ليس فقط نتيجة الممارسات الفردية لعناصر الحواجز، بل أيضاً بسبب عوامل خارجية، مثل وجود جماعات مسلّحة أجنبية في نقاط تماس قريبة من التجمعات السكنية.
الجدير بالذكر أن منطقة ريف حمص الغربي تحمل تركيبة سكانية وطائفية حساسة، ما يجعل أي إجراء أمني أو إداري فيها ذا أثر مضاعف، سواء سلباً أو إيجاباً. وبينما يترقب السكان ما ستسفر عنه المرحلة القادمة من ترتيبات أمنية بديلة، تبقى الأولوية بالنسبة لهم متمثلة في تحقيق الاستقرار، والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الأساسية ضمن بيئة خالية من التجاوزات.