تشهد محافظة حماة تصعيداً خطيراً في وتيرة عمليات الاغتيال التي تحمل طابعاً طائفياً مقلقاً، وسط تزايد التوترات وخطابات الكراهية التي تهدد الاستقرار والسلم الأهلي في سوريا، وتعيد إلى الواجهة المخاوف من انفجار صراعات أهلية لا تُحمد عقباها.
في الساعات الماضية، تم العثور على جثة رجل من الطائفة المرشدية مقتولاً بطلق ناري في الرأس، بالقرب من مركز البحوث الزراعية غرب حماة، بعد فقدانه لساعات أثناء وجوده في عمله الرسمي بقرية العبر. الضحية كان أباً لولدين ويعمل في مركز حوض العاصي، وقد سبقت هذه الحادثة بيوم واحد فقط جريمة مماثلة أودت بحياة شاب يُدعى مجد نصور، ما يجعل من هذه الوقائع المتتالية مؤشراً خطيراً على موجة اغتيالات ممنهجة.
التفاصيل المحيطة بالحادثتين تشير إلى استهداف متعمّد ومدروس، خصوصاً أن القتلى لم يكونوا منخرطين في أي نشاط سياسي أو عسكري، ما يعزز الشكوك حول أن دوافعهم الوحيدة كانت الانتماء الطائفي. ما يُفاقم هذه المخاوف هو تزامن هذه الاغتيالات مع نشر تسجيلات صوتية تهديدية تحمل خطاباً تحريضياً صريحاً على أساس طائفي، صادرة عن شخصيات محسوبة على تيارات متطرفة.
التسجيلات تضمنت تهديدات مباشرة لأبناء الطائفتين العلوية والمرشدية في الساحل السوري وريف حماة، ووعوداً بـ"الانتقام" من مدنيين لمجرد انتمائهم الديني أو المناطقي، وهو ما يُعد مؤشراً خطيراً على دخول البلاد في مرحلة جديدة من التصعيد العنفي العشوائي، خارج إطار أي صراع عسكري منظم.
ويأتي هذا التصاعد في وقت حساس تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، ما يجعل من هذه الجرائم تهديداً مباشراً لأي فرصة لبناء دولة قائمة على التعددية والعدالة. كما يعزز مناخ الخوف والكراهية والانقسام بين مكونات المجتمع، ويقوّض أي جهود للمصالحة الوطنية.
الوضع الراهن يتطلب تحركاً فورياً من الفعاليات المدنية والمجتمعية والجهات المسؤولة لوقف تمدد هذا النوع من العنف، والتصدي لخطابات الكراهية الممنهجة، والعمل الجاد على حماية المدنيين من جرائم تستهدفهم فقط لأنهم "ينتمون" لا لأنهم فعلوا.