حرائق الغابات تتمدد والنار تقترب من القرى.. ريف اللاذقية تحت لهيب مستمر

رزان الحاج

2025.07.08 - 11:46
Facebook Share
طباعة

 تشهد مناطق واسعة من شمال غربي سوريا موجة حرائق ضخمة، تتركز في أرياف اللاذقية وحماة وإدلب، حيث تواصل فرق الإطفاء والدفاع المدني معركتها اليومية لاحتواء النيران التي تلتهم الأحراج والغابات منذ ما يقارب الأسبوع، في ظل ظروف ميدانية ومناخية بالغة الصعوبة.


حرائق تمتد من الغاب إلى الفرنلق
واندلعت الحرائق قرب قرية فورو في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، وتمكنت فرق الإطفاء من احتواء جزء كبير منه، رغم صعوبة الوصول إلى بعض الجيوب النارية بسبب التضاريس الوعرة. بالتوازي، اندلع حريق آخر في منطقة عين البندق قرب بلدة بكسريا بريف جسر الشغور الغربي، وسارعت فرق الإطفاء إلى تطويقه والسيطرة عليه.


لكن التحدي الأكبر ظهر في ريف اللاذقية الشمالي، حيث امتدت النيران إلى التلال المرتفعة والوديان العميقة في منطقة الفرنلق، مهددة بؤرًا سكنية ومناطق حراجية شديدة الكثافة. النيران التهمت مساحات شاسعة تُقدّر بنحو 10 آلاف هكتار من الغابات الطبيعية، شملت مناطق قَسْطَل معاف، زنزف، وربيعة.


الطبيعة عدو ثانٍ بعد النيران
جهود الإطفاء تصطدم بعوائق معقدة، أبرزها تضاريس المنطقة الجبلية والمنحدرات الوعرة التي يصعب الوصول إليها بآليات ثقيلة، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة، والرياح الجافة التي تسهم في تسريع تمدد ألسنة اللهب. كما شكلت مخلفات الحرب غير المنفجرة خطرًا إضافيًا على المتطوعين، بعد تسجيل عدد من الحوادث بسبب انفجارات أثناء عمليات الإخماد.


الدفاع المدني: لا شهداء، لكن إصابات مستمرة
بالتزامن مع الجهود الميدانية، نفت مؤسسة الدفاع المدني السوري ما تردد على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن سقوط شهداء من متطوعيها خلال عمليات الإطفاء، ووصفت تلك الأخبار بـ"المفبركة والخطيرة"، مؤكدة أن الأسماء والصور التي جرى تداولها لا تعود لعاملين حاليين، وأن بعضها يعود لحالات سابقة، استخدمت بشكل مضلل.


وأكدت المؤسسة أن فرقها لم تتعرض لأي استهداف مباشر، لكنها سجلت إصابات متعددة في صفوف المتطوعين نتيجة الاختناق، الحروق، والسقوط من المرتفعات أثناء التعامل مع النيران، داعية إلى تحري الدقة والامتناع عن ترويج الإشاعات التي تهدد السلم المجتمعي وتؤثر سلباً على المعنويات العامة.


تعزيزات من الداخل وتضامن مدني
استجابة لتفاقم الوضع، تم الدفع بتعزيزات بشرية ولوجستية إضافية من قبل الجهات الرسمية، لدعم خطوط الإطفاء في ريف اللاذقية، خاصة في مناطق مثل الشيخ حسن وكسب، حيث تقترب النيران بشكل خطير من المناطق السكنية. كما تشهد بعض القرى حالة تعبئة مدنية تطوعية، حيث يشارك الأهالي في دعم الإطفائيين وتقديم المساعدة اللوجستية في المواقع الميدانية.


اليوم السادس: النيران لا تتراجع، والإرادة مستمرة
في آخر تحديث صادر عن فرق الدفاع المدني، أكدت استمرار عمليات الإخماد لليوم السادس على التوالي، موضحة أن النيران وصلت إلى مناطق جديدة، بينها الشيخ حسن قرب بلدة كسب، وتعمل الفرق على منع انتشارها أكثر، رغم وعورة الجغرافيا وخطورة الوضع.


وجاء في البيان الميداني:
"اليوم السادس على الحرائق في ريف اللاذقية، وما زلنا مستمرين بكل إصرار وإرادة لنخمد النيران ونحمي غاباتنا وبلدنا. الموقف صعب جداً أمام ألسنة اللهب العالية وطبيعة المنطقة التي تمنع وصولنا لبؤر النيران، ولكن سنكمل بكل طاقتنا لننتصر على هذه الحرائق."


تحذير من الشائعات.. ومناشدة للمسؤولية
في سياق متصل، حذرت جهات مراقبة من خطورة نشر الأخبار الكاذبة والصور الملفقة خلال الأزمات، مؤكدة أن ذلك لا يسيء فقط إلى الضحايا والجهات العاملة، بل يهدد التماسك المجتمعي ويغذي الفتنة. ودعت وسائل الإعلام إلى التحقق من المصادر، والعمل بمهنية في تغطية الكوارث الطبيعية والأحداث الأمنية.


كارثة بيئية تتطلب استجابة وطنية
الحرائق الحالية في شمال غربي سوريا لا تشكل فقط تهديداً على حياة السكان والبنية التحتية، بل هي كارثة بيئية بكل المقاييس، تهدد تنوعاً بيولوجياً نادراً ومجتمعات زراعية تعتمد على هذه الغابات في معيشتها. وهو ما يستدعي استنفاراً وطنياً شاملاً، رسمياً وشعبياً، لتأمين دعم حقيقي لجهود الإطفاء، وتعزيز قدرات الاستجابة السريعة لمثل هذه الكوارث، التي تزداد خطورتها في ظل التغيرات المناخية والظروف الجيوسياسية المعقدة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 6