بحث إسرائيلي يحذر: الحرب الثانية ضد إيران قريبة... ونتنياهو في سباق مع الزمن

ناصر شحادة – الناصرة المحتلة – وكالة انباء اسيا

2025.07.06 - 09:58
Facebook Share
طباعة

 نشرت مصادر بحثية إسرائيلية تقريرًا تحليليًا موسعًا يحذّر من أن الحرب بين إسرائيل وإيران لم تنتهِ بعد، بل قد تكون على وشك العودة في موجة جديدة أكثر عنفًا ووضوحًا. الدراسة، التي راجعتها دوائر سياسية وأمنية مقربة من الحكومة الإسرائيلية، تتناول ما تصفه بـ"الفشل غير المكتمل" في الضربة السابقة التي نفذتها الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية، مشيرة إلى أن الأهداف الكبرى للحرب لم تُنجز، وأن العودة إلى التصعيد تبدو شبه حتمية.
تستند الدراسة إلى الوقائع التي أعقبت الضربة التي نفذتها واشنطن في يونيو/حزيران الماضي، عندما استهدفت منشآت نطنز وأصفهان وفوردو، وهي المراكز العصبية للمشروع النووي الإيراني. ورغم أن العملية استمرت 12 يومًا فقط، فإن الجدل اللاحق في واشنطن وتل أبيب لم يتوقف، خصوصًا بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب أن مشروع إيران النووي "تم تدميره بالكامل"، في حين تسربت تقارير من وكالات أمنية أميركية تشكك في دقة هذا التصريح.
يعلّق كاتب التقرير الإسرائيلي: إذا كانت الحرب تُقاس بنتائجها لا بصورها التلفزيونية، فإن الأهداف التي حددها بنيامين نتنياهو – القضاء على البرنامج النووي، تقويض المنظومة الصاروخية الإيرانية، وتحفيز تغيير سياسي في طهران – لم تُنجز فعليًا.
تأكيدًا على ذلك، أشار مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى أن حجم الأضرار في المواقع النووية لا يمكن تحديده إلا بعد زيارتها، وهو أمر لم يحصل لأن إيران قطعت تعاونها مع الوكالة، متهمةً إياها بالتواطؤ مع إسرائيل في تمهيد العدوان.
يرى معدو الدراسة أن هذا الموقف الإيراني أربك حسابات الدول الغربية، وترك الباب مفتوحًا أمام تأويلات متضاربة، خصوصًا مع تصريحات مسؤولين إيرانيين – بينهم وزير الخارجية عباس عراقجي – بأن طهران ما زالت تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب، وقادرة على استئناف التخصيب في أي وقت.
بين الدعاية والواقع
رغم احتفالات نتنياهو بانتصار معنوي، فإن التحليل يشير إلى أن إسرائيل، بحسب ما قاله رئيس حكومتها بنفسه، ما زالت تواجه مشروعًا ثلاثي الرؤوس: نووي، صاروخي، وتحالفي. وهذا المشروع لا يبدو أنه تلقى ضربة قاصمة، بل ظهر منيعًا في بعض جوانبه، كما حصل مع صمود حزب الله في لبنان، واستمرار حماس في القتال، وثبات الحشد الشعبي العراقي، بل وتطور القدرة الحوثية على تهديد الملاحة في البحر الأحمر.
وهنا يطرح التقرير جملة أسئلة شائكة: هل انتصرت إسرائيل فعلًا؟ وهل استطاعت ردع إيران؟ أم أنها فقط فتحت جرحًا استراتيجيا لم يُختم بعد؟
طهران بين الرماد والنهوض
ترجّح الورقة البحثية أن إيران ستنتهز فترة ما بعد الحرب لإعادة رسم منظومتها الدفاعية والهجومية. ويُتوقع – بحسب التقرير – أن تتجه طهران لتحصين جبهتها الداخلية بعد أن أظهرت الحرب الأخيرة تضامنًا غير مسبوق بين السلطة والمعارضة.
المفارقة أن هذا التماسك الشعبي، بدلًا من أن يهزّ النظام، منحه شرعية جديدة، وأعاد توجيه ضربات نحو شبكات العملاء والاختراقات الإلكترونية. كما أن إيران ستسعى، على الأرجح، لتعويض ثغرات دفاعها الجوي، علمًا أن هذا الملف معقد بفعل الحساسية الروسية تجاه إسرائيل وترامب، مما يدفع إيران للبحث عن شراكات تسليحية جديدة.
من جهة ثانية، تؤكد الدراسة أن إيران لن تتخلى عن شركائها الإقليميين مثل حزب الله، الحشد الشعبي، والحوثيين، بل ستعمل على إعادة تأهيلهم ودمجهم في منظومة ردع إقليمي متكاملة.
المسرح الإقليمي يتحرّك
من أبرز النقاط التي يتوقف عندها التقرير، حديثه عن باكستان وتركيا كحليفين محتملين لإيران في مرحلة ما بعد العدوان. فأنقرة، التي عبّرت عن استيائها من التحركات الإسرائيلية، قد تجد نفسها معنيّة أكثر من أي وقت مضى بإعادة التموضع في معادلة الردع الإقليمي. تصريحات الرئيس أردوغان بشأن امتلاك أنظمة ردع "تُرهب من يفكر باستفزاز تركيا"، تعكس حساسية الأتراك من تداعيات أي ضربة إسرائيلية جديدة لإيران، خاصة أن أنقرة تشهد توترًا متزايدًا في علاقاتها مع تل أبيب.
هل تندلع الحرب الثانية؟
وفق التقرير، فإن كل المؤشرات تشير إلى أن احتمالية الهجوم الثاني على إيران لا تزال قائمة، بل تزداد ترجيحًا كلما طال وقت الهدوء النسبي. ويعتبر الباحثون الإسرائيليون أن الهجوم الأول أوجد بيئة خصبة للضربة الثانية، خصوصًا إذا استثمرت إسرائيل فترة الهدوء لملء مخازنها وتعزيز قدرتها الجوية.
يستند هذا السيناريو إلى قرار واشنطن الأخير بتزويد إسرائيل بذخائر متطورة بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار، وهي خطوة تُقرأ في تل أبيب على أنها "ضوء أخضر" أميركي لمزيد من المغامرات العسكرية.
ترامب: الرهان المستقبلي
ترى الدراسة أن العنصر الحاسم في هذه المعادلة يبقى شخص الرئيس الأميركي. فإن وافق ترامب على عملية عسكرية ثانية – تحت شرط ألا تؤثر على أسواق النفط – فإن إسرائيل قد تندفع إلى حرب محسوبة النتائج. وتشير الاستطلاعات إلى أن غالبية الجمهوريين – خاصة كبار السن – يدعمون هذا الاتجاه، ما يعزز شهية نتنياهو للمخاطرة.
وبحسب التقرير، فإن نتنياهو يحاول إقناع ترامب بأن "الضربة الثانية" ستكون خاطفة، ولا تُهدد إمدادات الطاقة في الخليج، وستؤدي إلى جرّ إيران إلى طاولة المفاوضات من موقع الضعف.
المفارقة: غزة وإيران
يلفت التقرير إلى أن إسرائيل قد تسعى للتوصل إلى هدنة قصيرة الأمد في غزة، مدتها 60 يومًا، ليس حبًا في السلام بل لتفريغ الجبهة الجنوبية استعدادًا لجبهة أكثر خطرًا: إيران. وفي هذا السياق، تأتي زيارة نتنياهو العاجلة إلى واشنطن، التي تم تقديمها من أواخر يوليو إلى مطلع الشهر نفسه، كإشارة واضحة على تحركات عسكرية أو سياسية تلوح في الأفق.
ويختم التقرير بتقدير استراتيجي بالغ الدلالة: إسرائيل اليوم في سباق مع الزمن. فإذا لم تضرب الآن، قد تفقد زمام المبادرة. وإذا ضربت، فربما تدخل مرحلة ردود غير قابلة للسيطرة. أما إيران، فهي تستعد، لا للرد فقط، بل للبقاء. وكلا الطرفين يعرف أن الجولة الثانية إن وقعت، لن تُشبه الأولى.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6