سوريا: اعتقالات تطال مسؤولين بملف أطفال المعتقلين

رزان الحاج

2025.07.05 - 01:14
Facebook Share
طباعة

 في تطور لافت يعيد تسليط الضوء على أحد أكثر الملفات حساسية في سوريا، أوقفت السلطات السورية الوزيرتين السابقتين للشؤون الاجتماعية والعمل ريمة القادري وسلمى الكردي، إلى جانب عدد من المسؤولين والموظفين، ضمن تحقيقات موسعة تتعلق بملف "أطفال المعتقلين".


وتتركز التحقيقات على ملابسات اختفاء مئات الأطفال خلال سنوات النزاع، لا سيما أولئك الذين فُقدوا عقب اعتقال آبائهم أو أمهاتهم، أو تم تحويلهم إلى دور رعاية وجمعيات أيتام دون علم ذويهم أو سند قانوني واضح. وتشير مصادر مطلعة إلى أن التحقيقات تشمل وثائق أمنية سابقة تتحدث عن تحويل أطفال إلى جمعيات "خيرية" بموجب كتب سرية صادرة عن فروع أمنية، الأمر الذي يفتح الباب أمام شبهات واسعة تتعلق بالإهمال والتواطؤ وربما الاتجار بالبشر.


وتقول جهات رسمية إن لجنة وزارية كانت قد شُكّلت منتصف عام 2025 لتقصي مصير الأطفال المفقودين، إلا أن نتائج عملها قادت إلى فتح ملفات تتعلق بتجاوزات وقرارات مشبوهة اتخذتها شخصيات بارزة في فترات سابقة، من بينها الوزيرتان المذكورتان، وعدد من المسؤولين المحليين عن دور الإيواء في ريف دمشق وحلب واللاذقية.


كما تشمل التحقيقات مسؤولات سابقات عن جمعيات رعاية ومراكز إيواء في محافظات مختلفة، إلى جانب موظفين في وزارة الشؤون الاجتماعية، يُعتقد أنهم وقعوا على قرارات تحويل غير قانونية لأطفال مجهولي المصير.


وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد أطلقت قبل أشهر حملة تطالب من خلالها الأهالي الذين فقدوا أطفالهم بتقديم بلاغات رسمية، بهدف مطابقة بيانات الأطفال المسجلين كمجهولي النسب أو أولئك الموجودين في المراكز. وتزامن ذلك مع ظهور تقارير توثق وجود أطفال نُقلوا من مراكز أمنية إلى جمعيات خاصة دون إشراف قضائي.


وتقول مصادر قريبة من التحقيق إن بعض هؤلاء الأطفال ربما تم تبنيهم أو تسليمهم لعائلات دون موافقة قانونية أو متابعة لاحقة، وسط حالة من التعتيم امتدت لسنوات.


المثير للقلق أن هذه القضية لا ترتبط فقط بسوء الإدارة، بل تطال أبعادًا إنسانية وأخلاقية عميقة، تتعلق بفصل أطفال عن أسرهم وطمس هويتهم، ما أثار موجة غضب شعبي ودعوات لمحاسبة كل من تثبت مسؤوليته.


ومن المتوقع أن تتوسع التحقيقات خلال الأيام المقبلة، مع ورود أسماء جديدة لمسؤولين إداريين سابقين، في وقت تتعهد فيه الجهات القضائية بمحاسبة المتورطين، واستعادة حقوق الأطفال وأسرهم.


هذه الخطوة، وإن جاءت متأخرة، إلا أنها قد تمثّل بداية لمسار تصحيحي طويل، يعيد الاعتبار لضحايا سنوات من الانتهاكات والضياع المؤسسي، ويفتح الباب لإصلاح شامل في آليات الرعاية الاجتماعية والرقابة على الجمعيات ومراكز الإيواء في البلاد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4