في تطور ميداني لافت، صعّدت إسرائيل من تدخلها العسكري داخل الأراضي السورية، عبر سلسلة من التوغلات والإنزالات الجوية شملت مناطق متفرقة في الجنوب السوري، من ريف دمشق إلى درعا والقنيطرة، ما يعكس توجهاً تصعيدياً غير مسبوق منذ سقوط النظام السوري أواخر عام 2024.
فجر الجمعة، نفذت مروحيات عسكرية إسرائيلية عملية إنزال جوي في منطقة يعفور، الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات فقط جنوب مركز العاصمة دمشق. وبحسب مصادر محلية، فقد استمرت العملية لفترة قصيرة قبل أن تغادر المروحيات، دون الكشف عن طبيعة المهمة أو الجهة المستهدفة. وتُعد هذه المرة من المرات القليلة التي تُسجّل فيها عمليات إنزال بهذه الجرأة قرب قلب العاصمة.
وفي تحرك متزامن، توغلت قوة إسرائيلية خاصة في قرية رخلة الحدودية، قرب بلدة يحمر اللبنانية، غرب سوريا، للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة. كما سُجل دخول مفاجئ للجيش الإسرائيلي إلى قرية صيصون في محافظة درعا، عبر ست آليات عسكرية، حيث قامت القوات بتفتيش عدد من المنازل وسط حالة من الذعر بين الأهالي.
هذه العمليات تأتي امتداداً لتحركات إسرائيلية متصاعدة شهدتها مناطق الجنوب السوري مؤخراً، ترافقت مع هجمات جوية وبرية على مواقع عسكرية وأمنية كانت تُستخدم من قبل جيش النظام السابق وقوى متحالفة معه، بهدف منع إعادة بناء البنية التحتية الدفاعية، خاصة في المناطق الحدودية مع الجولان المحتل.
مصادر محلية أفادت أن القوات الإسرائيلية سبق أن نفذت عملية توغل مماثلة في 28 حزيران/يونيو الماضي داخل قرية رويحينة في ريف القنيطرة، حيث قامت بتفتيش منازل وإطلاق نار عشوائي، تسبب بأضرار في الممتلكات. كما شملت الانتهاكات هدم 15 منزلاً في بلدة الحميدية الحدودية قبل نحو أسبوعين، في مشهد يتكرر على نحو ممنهج، وفق الأهالي.
روايات السكان المحليين تكشف جانباً من المعاناة المتزايدة. أحد المواطنين من القنيطرة، الذي فقد منزله جراء الهدم، أكد أن قوات الاحتلال أجبرته على الخروج مع أسرته ليلاً دون إنذار، ليُشاهد بعد دقائق منزله وهو يُسوى بالأرض. وأوضح أن عائلته لا تنتمي لأي فصيل مسلح، معتبراً أن الحجج الأمنية التي تستخدمها إسرائيل مجرد ذرائع لتبرير التوسع والاستيلاء على مزيد من الأراضي السورية.
ومنذ إسقاط النظام في دمشق، كثفت إسرائيل من تدخلها العسكري المباشر داخل سوريا، فاحتلت فعلياً المنطقة العازلة على طول الحدود في القنيطرة ودرعا، وأعلنت من طرف واحد انهيار اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974. وتحوّلت عملياتها من ضربات جوية متفرقة إلى تحركات برية منهجية، تتضمن إنزالات، مداهمات، وهدم منازل، في خرق صارخ للقانون الدولي.
هذا التصعيد المستمر يطرح تساؤلات جدية حول الأهداف الإسرائيلية في الجنوب السوري، وما إذا كانت هذه التحركات تمهيداً لإعادة رسم واقع أمني وجغرافي جديد، على حساب السوريين الذين يجدون أنفسهم مجدداً ضحايا لغياب السيادة والقرارات الدولية غير المفعّلة.