في تحول مهم على صعيد تحسين الخدمات الأساسية في جنوب ريف الحسكة، بدأت محطتان لتحلية مياه الشرب عملهما الفعلي في قريتي عدلة والعزاوي قرب بلدة الشدادي، لتوفّرا لسكان المنطقة مصدرًا ثابتًا وآمنًا للمياه، بعد سنوات من المعاناة مع الشح والملوحة.
الخطوة تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث تشهد المنطقة ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، ما يزيد من استنزاف الموارد المائية ويعمّق أزمة العطش التي طالما كانت تؤرق الأهالي، خصوصًا مع اعتمادهم شبه الكامل على مياه الآبار ذات الملوحة العالية أو مصادر مكلفة وغير مضمونة.
تشغيل المحطتين جاء بعد دراسة فنية دقيقة لاختيار مواقع ذات جدوى عالية، من حيث نوعية المياه الجوفية وقربها من التجمعات السكانية. وقد تم تجهيز المحطتين بأحدث تقنيات التحلية، تشمل خزانات لتجميع المياه، أنظمة فلترة متطورة، ومنظومات تشغيل بالطاقة الشمسية، ما يجعلها مشاريع صديقة للبيئة وتتمتع بالاكتفاء الذاتي دون الحاجة إلى مصادر طاقة خارجية. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لكل محطة حوالي 6 أمتار مكعبة في الساعة، وهو ما يكفي لتغطية حاجة القريتين والمناطق المجاورة بشكل مبدئي.
السكان استقبلوا هذا التطور بترحيب واسع وارتياح كبير، حيث عبّر العديد منهم عن تحسّن ملموس في حياتهم اليومية منذ بدء تشغيل المحطات. فالمياه النظيفة التي باتت تصلهم بسهولة، خفّفت من أعباء التنقل لجلب الماء، وقلّصت من النفقات التي كانت تُهدر على شراء المياه من الصهاريج، في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة.
كما أشاد السكان بكون هذه المحطات تمثل حلاً عمليًا ومستدامًا، بعيدًا عن الحلول المؤقتة التي لطالما اعتمدت على المعونات أو الموارد غير الدائمة. فإلى جانب الجانب الخدمي، تُعد هذه المشاريع نموذجًا يُحتذى به في مجال تعزيز الأمن المائي وتحقيق الاعتماد الذاتي، خاصة في المناطق التي تواجه تحديات مناخية ومعيشية متزايدة.
ويُنظر إلى هذه المبادرات كجزء من جهود أوسع لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية في شمال شرق سوريا، حيث تبرز الحاجة الماسّة لمشاريع مماثلة في مناطق أخرى ما تزال تعاني من نقص حاد في المياه والخدمات الحيوية الأخرى.
في النهاية، تُعد محطتا التحلية في عدلة والعزاوي خطوة في الاتجاه الصحيح، ورسالة أمل في زمن تتكاثر فيه التحديات، بأن الحلول ممكنة إذا ما توفرت الإرادة والموارد، وكان الهدف تحسين حياة الناس بشكل مباشر وفعّال.