في حادثة أثارت صدمة واسعة في ريف محافظة اللاذقية، قُتل شاب وأصيب آخر بجروح بالغة، بعد تعرضهما لإطلاق نار مباشر من قبل مسلحين أثناء قيامهما بأعمال زراعية في محيط قرية البرجان التابعة لريف جبلة. الجريمة وقعت في وضح النهار، وسط أرض زراعية هادئة، ما أضفى على الحادثة طابعاً أكثر رعباً، وأشعل غضباً شعبياً.
الشابان، وهما من أبناء الطائفة العلوية، كانا يعملان في أرضهما عندما باغتهما المهاجمون وفتحوا النار عليهما بشكل مباشر. أحدهما فارق الحياة في المكان، بينما نُقل الآخر إلى أحد المشافي لتلقي العلاج، في وضع صحي بالغ الدقة.
على إثر الحادثة، خرج العشرات من أهالي القرية في احتجاج سلمي رفعوا فيه شعارات تطالب بكشف الحقيقة، ومعاقبة الجناة، ووضع حدّ لتكرار مثل هذه الجرائم التي بدأت تُقلق السكان وتفقدهم الإحساس بالأمان في مناطقهم. وقد ردد المحتجون عبارات ترفض التراخي الأمني وتطالب بمحاسبة الجهات المسؤولة عن حماية المدنيين، مؤكدين أن القرية شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً في الحوادث المشابهة دون أي إجراء رادع حقيقي.
ردّ الفعل الرسمي لم يتأخر كثيراً، إذ تم اعتقال عدد من عناصر الحاجز العسكري المتمركز في محيط القرية، وسط اتهامات محلية بتورطهم المباشر أو غير المباشر في الحادثة. وتم استبدال عناصر الحاجز بأفراد من الأمن العام، بعد وصول وفد أمني ووجهاء إلى القرية، حيث نُقل المعتقلون إلى أحد الأفرع للتحقيق معهم.
كما اعتُقل عنصر يتبع لوزارة الدفاع بعد الاشتباه بتورطه في الجريمة. وبعد سلسلة من التحقيقات، أقر بضلوعه في إطلاق النار على الشابين إثر خلاف شخصي، تطور إلى استخدام السلاح، في تصرف يعكس مدى هشاشة الانضباط داخل بعض الوحدات العسكرية في تلك المنطقة.
وزارة الدفاع أصدرت بياناً مقتضباً أكدت فيه وقوع الجريمة، واعترفت بانتماء أحد المتورطين لإحدى تشكيلاتها، مشيرة إلى تحويله إلى القضاء العسكري. إلا أن الغضب الشعبي لم يهدأ، حيث يرى كثيرون أن محاسبة فرد لا تكفي، بل يجب أن يتبع ذلك إصلاح واسع في بنية الأجهزة الأمنية والعسكرية العاملة في المنطقة.
تُسلط هذه الحادثة الضوء على التحديات الأمنية المتصاعدة في الساحل السوري، حيث تتكرّر الاعتداءات المسلحة، وتزداد شكاوى الأهالي من ضعف الأداء الأمني في القرى الريفية. كما تبرز الحاجة الملحة لتفعيل المساءلة والعدالة، لا سيما عندما يكون المتورطون محسوبين على أجهزة الدولة.
في خضم ذلك، يبقى الأهالي متمسكين بأمل تحقيق العدالة، ومطالبين بأمن حقيقي لا يقتصر على انتشار الحواجز، بل يشمل المساءلة الفعالة والردع لكل من يتجاوز القانون.